Западные философские исследования
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
Жанры
أما القصص والحكايات الخيالية فإنها أقل قيمة من الناحية التاريخية من النماذج بسبب طبيعتها الخاصة. تختلف فيما بينها من حيث درجة الصدق. ولما كانت نشأتها بطرق ثلاث؛ بتطوير النماذج أو بإدخال بواعث خارجية أو بإدخال مواد خارجية، فإن الحكم التاريخي على قصة يعتمد على مصدرها. يمكن افتراض الصحة عندما تتطور القصة عن نموذج، ويمكن الشك في الصحة عندما يكون للقصة مصدر غير مسيحي. ولا يجب استبعاد الحكايات الخيالية كحوامل للتاريخ لأنها في نواتها تحتوي على بعض المضامين التاريخية. يثق ديبليوس بوجه عام بالصدق التاريخي للأقوال. فقد تم نقلها بأمانة بفضل ذاكرة أتباعه وتعظيمها لأقوال المعلم. ويمكن الشك في صحتها عندما تتدخل ظروف الكنيسة القائمة ومشاكلها واستعمالها ونقلها لهذه الأقوال لحسابها الخاص. ولما كانت الأقوال تتعلق بتجربة عيسى وحياته ومصيره فإنه يجب الحذر من الأقوال تاريخيا لأن الجماعة لا يمكنها أن تعبر عن نفسها تجاه قدره ومصيره دون أن تعبر عما تعتقده الآن وتعرفه بعد الواقعة بفضل الإيمان بالقيامة. ومع أنه يمكن الاعتماد على الأقوال باعتبارها صحيحة تاريخيا إلا أن على المؤرخ أن ينظر إلى التراث ككل وليس إلى قول واحد يتفق أو يختلف مع مجمل التراث. وينتهي ديبليوس إلى أنه يمكن استعمال الروايات والأقوال بعد نقدها لكتابة تاريخ حياة عيسى. ويقوم بذلك بالفعل بعد مناقشته للخلفية التاريخية والدينية والبيئية التي نشأ فيها عيسى ويفحص السمات العامة للحركة بين الجماهير التي قادها رجل مقدس ونبي من الجليل. ثم يتناول تعاليم عيسى فيما يتعلق بشخصه وعلاقته بالله، وبمبادئه الأساسية الخاصة بالحياة وملكوت السموات، والقوى المضادة لعيسى والتي أدت إلى موته، وشهادة الكنيسة على بعثه. يستعمل ديبليوس تاريخ الأشكال الأدبية لكتابة تاريخ حياة عيسى وهو على ثقة كاملة بوجود عيسى في التاريخ.
2
أما بولتمان فقد نشر كتابه عن «عيسى» في 1926م وأضافت الترجمة الإنكليزية له في العنوان «الكلمة» في «عيسى والكلمة» تأكيدا على استعمال منهج تاريخ الأشكال الأدبية في كتابة تاريخ حياة عيسى دون العقيدة وابتداء من تصنيف الأقوال. ويبدأ بولتمان بالشك في إمكانية وجود أي بحث تاريخي حول عيسى ووضع اعتراضات رئيسية وإثارة شكوك أساسية حول شرعية مثل هذا البحث؛ وبالتالي فلا يمكننا معرفة شخصية عيسى، حياته أو مماته، فلا توجد كلمة واحدة يمكن البرهنة على صحتها. إن كل ما يمكن معرفته عن شخص عيسى هو أننا لا نعلم عنه شيئا! ومع ذلك يحاول بولتمان كتابة تاريخ حياة لعيسى ابتداء من تحليله لمدى الصحة التاريخية للأشكال الأدبية. فنظرا لطبيعة الرواية يشك بولتمان في صحتها التاريخية. وبطبيعة الحال فإنه لا يشك في أن عيسى قد عاش، وقام بعديد من الأعمال التي ينسبها إليه التراث، ولكنه يشك في أن تكون الرواية التي ترصد حياته صحيحة تاريخيا؛ لذلك لا يمكن إعطاء تاريخ حياة لعيسى أو رسم صورة لشخصه. ولا يمكن معرفة شيء عن شخص عيسى وحياته نظرا لأن الكنيسة الأولى لم تكن تهتم بهما. وما تبقى لدينا مجرد شذرات أو حكايات خيالية. لا توجد مصادر أخرى لحياة عيسى؛ ومع ذلك لا يشك أحد في وجود عيسى كمؤسس لحركة ظهرت أولا في جماعة فلسطين بالرغم مما يثار من شك حول موضوعية الصورة وصدقها التي رسمتها الجماعة له في تراثها. ولا يشك بولتمان في الأقوال قدر شكه في الروايات. وبمقدار القليل الذي لدينا عن حياته وشخصه فإننا نعلم أكثر عن رسالته من خلال أقواله، وذلك يسمح لنا بعمل صورة له. ومع ذلك ترجع الأقوال والروايات إلى الجماعة المسيحية الأولى التي نقلت أقوال عيسى أو وضعتها على لسانه، ولكن كيف يمكن التمييز بين الاثنين؟ إن العلم بأن الأناجيل المتقابلة قد تم تأليفها باليونانية في الجماعات الهلينية بينما عاش عيسى مع الجماعة المسيحية الأولى في فلسطين وتكلم الآرامية قد يساعد على الإجابة على السؤال. فكل شيء في الأناجيل المتقابلة يبدو وكأنه نشأ في المسيحية الهلينية - سواء في اللغة أو في المضمون - يجب استبعاده كمصدر لتعاليم عيسى.
إن كل ما تم نقله في التراث لا يرجع إلى عيسى لأنه كانت هناك كنيسة فلسطينية تتحدث بالآرامية حتى بعد زمان عيسى. يجب إذن التمييز بين مستويات عدة من المنقول الفلسطيني. كل مادة تكشف عن مصلحة خاصة أو آراء كنيسية محددة أو ما يميز التطور المتأخر يجب استبعادها كمصدر ثانوي. وبهذه الطريقة يمكن تحديد المستوى الأول قدر الإمكان. حتى هذا المستوى قد لا يرجع إلى عيسى ذاته بل قد يكون نتيجة لعملية تاريخية معقدة تمت في شعور الجماعة المسيحية الأولى. إن كتاب بولتمان عن «عيسى» هو في حقيقة الأمر دراسة لرسالته. ويشير عيسى هنا إلى مجموعة من الأفكار في المستوى الأول للأناجيل المتقابلة. يقول التراث إن عيسى حامل لرسالة؛ ومن ثم احتمال وجوده كبير. وكل إنسان حر في أن يضع عيسى «بين قوسين» أو كاختصار لظاهرة تاريخية ارتبطت به.
3
سابعا: تطور المدرسة والردود على
الاعتراضات
تطورت مدرسة تاريخ الأشكال الأدبية بعد مؤسسيها الأوائل وتشعبت إلى جناحين رئيسيين؛ الأول: يريد المحافظة على مكتسبات المنهج الجديد مقتفيا آثار ديبليوس وبولتمان وما أكثر ممثليه في الجماعات ومراكز البحوث والمعاهد الدينية دون إبداع جديد ولكن بإعطاء مزيد من التطبيقات والبراهين على صحة المسلمات. والثاني: محافظ يريد الإبقاء على المنهج مع التقليل من أخطاره بالنسبة للعقيدة والتاريخ واستعماله لحسابه الخاص. إذ أصبح من المستحيل التنكر لقيمة المنهج وإن كان من الممكن تغيير بعض النتائج والتخفيف من حدتها أو استعمال ألفاظ ومسميات أخرى حفاظا على الإيمان في قلوب الناس والتخلي عن الصدق العلمي ومجافاة الشجاعة الأدبية. وقد اتجه الجناح المحافظ لإثبات عدة نتائج هي في الحقيقة مسلمات مضادة لمسلمات المدرسة بدعوى نتائج البحث والدراسة، وعلى رأسها إثبات الصحة التاريخية لمرقص وللأناجيل المتقابلة بل وتاريخية النصوص، وإمكانية العودة إلى عيسى كمصدر لهذه النصوص القديمة، والإقلال من تدخل الكنيسة في وضع التراث وخلق الأقوال وتفسير النصوص، وصياغة العقائد وربط المسيحية باليهودية أكثر منها بالتراث اليوناني تحقيقا للاستمرار ومنعا لآثار الوثنية، والاعتماد على بولس ويوحنا والربط بينهما وبين الأناجيل المتقابلة وعدم استبعاد العقائد نهائيا من نقد النصوص.
استمر بعض ممثلي هذا الجناح في استعمال «نقد المصادر» وحدها دون «نقد الأشكال» والعودة بالنقد إلى القرن الماضي والدراسات التقليدية فهي أقل خطرا على العقيدة مما كان يظن من قبل. واستمروا في تحليل نصوص الأناجيل الأربعة لإثبات صحتها التاريخية ضد نزعات النقد كما فعل شتريتر
B. H. Streeter ، وهيدلام
Неизвестная страница