Религия, откровение и ислам
الدين والوحي والإسلام
Жанры
معاني كلمة: «الوحي»
(1) المعاني اللغوية لكلمة «الوحي»
لم يشر أحد علمناه من اللغويين ومن ألفوا في الدخيل من كلام العرب إلى أن لهذا الحرف أصلا غير عربي، ويؤيد ذلك أن من المعاني التي دل العرب عليها ببعض صيغ هذه المادة شئونا طبيعية تسبق الأمم في بداوتها إلى التعبير عنها من غير انتظار للدخيل، فقد قال اللغويون: إن الوحي كالوحي الصوت عامة، وقيل: الوحاة صوت الطائر، ووحاة الرعد صوته الممدود الخفي، والوحي النار ... إلخ. وإذا كان في اللغة العربية ألفاظ أصيلة لم تستمد من لسان أجنبي - وليس ذلك موضعا لنزاع - فأول ما ينبغي أن يكون من هذه الألفاظ ما يعبر به عن مثل النار والصوت وصوت الرعد أو صوت الطيور.
والوحي: مصدر «وحى إليه يحي» من باب «وعد»، وأوحى إليه بالألف مثله، ومصدره: الإيحاء، وهو قليل الاستعمال، وبعض العرب يقول: وحيت إليه ووحيت له وأوحيت إليه وأوحيت له، ولغة القرآن الفاشية أوحى بالألف من التعدية بإلى، وأما في غير القرآن العظيم فوحيت إلى فلان مشهورة، يقال: وحيت إليه بالشيء وحيا وأوحيت، وهو أن تكلمه بكلام يفهمه عنك ويخفى على غيره، بأن يكون على سبيل الرمز والتعريض، أو يكون بصوت مجرد عن التركيب، أو يكون إسرارا لا يسمعه غيره، ووحيت إليه بخبر كذا أي: أشرت وصوت به رويدا، ويقال: وحى إليه وأوحى: أومأ ببعض الجوارح أو أشار بسرعة، ومنه: وحى الحاجب واللحظ بمعنى سرعة إشارتهما، ويقال: وحيت الكتاب وحيا فأنا واح، والكتاب موحي، وأوحى لغة فيه أيضا، والوحي: الكتابة والمكتوب، وأوحى الرجل: إذا بعث برسول ثقة إلى عبد من عبيده ثقة، وأوحى إليه: بعثه، وأوحى إليه: ألهمه، ويقال: وحت نفسه: وقع فيها خوف، وأوحى الإنسان: إذا صار ملكا بعد فقر، ووحي وأوحى: إذا ظلم في سلطانه، والنائحة توحي الميت: تنوح عليه، والوحي بالقصر والمد: السرعة، والوحي: النار، ويقال للملك: وحى من هذا، فكأنه مثل النار ينفع ويضر، والوحي: السيد من الرجال، والوحي: الصوت يكون في الناس وغيرهم كالوحي، ووحاة الرعد: صوته الممدود الخفي، وقيل الوحاة: صوت الطائر.
وذكر اللغويون لكلمة الوحي نفسها معاني كثيرة، هي: الإشارة، والكتابة، والرسالة، والإلهام، والكلام الخفي، والمكتوب، والأمر، وكل ما ألقيته إلى غيرك، والتسخير، والرؤيا الصادقة، والصوت يكون في الناس وغيرهم، ثم قالوا: إن الوحي قصر على الإلهام وغلب استعماله فيما يلقى من عند الله تعالى إلى الأنبياء كما في «المصباح المنير»، أو إلى الأنبياء والأولياء كما في «مفردات الراغب الأصفهاني».
وليس لنا من سبيل إلى ترتيب هذه المعاني وتعرف ما هو سابق منها وما هو لاحق، ما هو أصل منها وما هو فرع، بل لا سبيل لنا إلى تمييز ما استعملته العرب في جاهليتها مما قد يكون ولد في الإسلام أو أنشئ إنشاء.
على أن المفهوم من كلام اللغويين إذ يقولون: إن الوحي غلب استعماله فيما يلقى إلى الأنبياء من عند الله تعالى - وهم يريدون الغلبة في لسان الدين الإسلامي - إن الإسلام قصر الوحي على معنى من معانيه كانت العرب تعرفه في استعمالاتها وكانت تفهمه على وجه من الوجوه.
أما تفاصيل معنى الوحي فقد أحاطتها العهود الإسلامية بنظريات لم يكن ليتوجه إلى مثلها العقل العربي في بداوته، كما سيأتي بيانه.
وقد عرض كثير من اللغويين لبيان المعنى الأصلي لمادة الوحي الذي اشتق منه المعنى الذي غلب في الاستعمال، وهذا دليل على أنهم يجعلون هذا المعنى فرعيا وإن لم يكن من مستحدثات الدين الإسلامي.
ويمكننا أن نجمل هذا البحث في آراء أربعة:
Неизвестная страница