46

Дзахира

الذخيرة

Издатель

دار الغرب الإسلامي

Номер издания

الأولى

Год публикации

1414 AH

Место издания

بيروت

الْخَطَرِ فَرُبَّمَا غَلَبَتِ النَّفْسُ وَانْتَقَلَ الْإِنْسَانُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى إِلَى طَلَبِ الرِّئَاسَةِ وَتَحْصِيلِ أَغْرَاضِ الرِّيَاءِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَهُوَ حَسَبُنَا فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ الثَّانِي يَنْبَغِي لِطَالِبِ الْعِلْمِ أَنْ يُحْسِنَ ظَاهره وباطنه وسره وعلانيته وأفعاله وأقواله فَلَقَد أحسن من قَالَ (فَالْعَيْبُ فِي الْجَاهِلِ الْمَغْمُورِ مَغْمُورُ ... وَعَيْبُ ذِي الشَّرَفِ الْمَذْكُورِ مَذْكُورُ) (قُلَامَةُ الظُّفْرِ تَخْفَى مِنْ حَقَارَتِهَا ... وَمِثْلُهَا فِي سَوَادِ الْعَيْنِ مَشْهُورُ) وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ ﵇ ﴿إِذا لأذقناك ضعف الْحَيَاة وَضعف الْمَمَات﴾ أَيْ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَعَذَّبْنَاكَ مِثْلَ عَذَابِ غَيْرِكَ فِي الدُّنْيَا مَرَّتَيْنِ وَمِثْلَ عَذَابِهِ فِي الْآخِرَةِ مَرَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضعفين﴾ وَهَذِهِ عَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ مَنْ عَظُمَتْ عَلَيْهِ نِعْمَتُهُ اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ نِقْمَتُهُ وَلِذَلِكَ رُجِمَ الْمُحْصَنُ فِي الزِّنَا وَجُلِدَ الْبِكْرُ وَلِأَنَّ اشْتِهَارَهُ بِالْخَيْرِ يَبْعَثُ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ فَيَحْصُلُ لَهُ كَمَالُ السَّعَادَةِ الدُّنْيَاوِيَّةِ وَوُقُورُ السَّمْتِ وَيَصِيرُ لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا وَاشْتِهَارُهُ بِالدَّنَاءَةِ يُنَفِّرُ النُّفُوسَ مِنْهُ فَتَفُوتُهُ هَذِهِ الْمَنْزِلَةُ بَلْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكْتُمَ مِنَ الْحَقِّ مَا تَنْفِرُ مِنْهُ عُقُولُ جُلَسَائِهِ وَأهل زَمَانِهِ وَأَنْ يُخَاطِبَ النَّاسَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ فَإِنَّهُ إِن يفعل ذَلِك لم يَحْصُلْ مَقْصُودُهُ مِنْ إِظْهَارِ ذَلِكَ الْحَقِّ وَلَا من غَيره فَفِي الْحَدِيثِ مَنْ خَاطَبَ قَوْمًا بِمَا لَمْ تَصِلْ إِلَيْهِ عُقُولُهُمْ كَانَ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى إِظْهَارَهُ كَقَوَاعِدِ الدِّينِ وَإِبْطَالِ شُبَهِ الضَّالِّينَ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ

1 / 50