45

Дзахира

الذخيرة

Издатель

دار الغرب الإسلامي

Номер издания

الأولى

Год публикации

1414 AH

Место издания

بيروت

وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّ هَذَا مَقَامٌ تَشِيبُ مِنْهُ النَّوَاصِي وَلَا يُعْتَصَمُ مِنْهُ بِالصَّيَاصِي فَيَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُوَفِّرَ الْعِنَايَةَ عَلَيْهِ وَالْجِدَّ فِيهِ مُسْتَعِينًا بِاللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ لَمْ يُسَاعِدْهُ الْقَدَرُ وَلم يَنْفَعهُ الحذر وَلَقَد قطع الْكِبْرِ مَنِ اسْتَكْبَرَ (إِذَا لَمْ يَكُنْ عَوْنٌ مِنَ اللَّهِ لِلْفَتَى ... فَأَكْثَرُ مَا يَجْنِي عَلَيْهِ اجْتِهَادُهُ) وَلَكِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى أَعْظَمِ الْوَسَائِلِ مَعَ بَذْلِ الِاجْتِهَادِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ مَعَ بَذْلِ جُهْدِكَ شَدِيدَ الْخَوْفِ عَظِيمَ الِافْتِقَارِ مُلْقِيًا لِلسِّلَاحِ مُعْتَمِدًا عَلَى ذِي الْجَلَالِ مُخْرِجًا لِنَفَسِكَ مِنَ التَّدْبِيرِ فَإِنَّ هَذِهِ الْوَسِيلَةَ هِيَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى لِمَاسِكِهَا وَطَرِيقُ السَّلَامَةِ لِسَالِكِهَا وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمَسْئُولُ الْمُبْتَهَلُ لِجَلَالِهِ فِي السَّلَامَةِ مِنْ عَذَابِهِ (فَمَا لِجِلْدِي بِحَرِّ النَّارِ مِنْ جَلَدٍ ... وَلَا لِقَلْبِي بِهَوْلِ الْحَشْرِ مِنْ قِبَلِ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الرِّيَاءِ قَصْدُ اشْتِهَارِ النَّفْسِ بِالْعِلْمِ لِطَلَبِ الِاقْتِدَاءِ بَلْ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ فَإِنَّهُ سَعْى فِي تَكْثِيرِ الطَّاعَاتِ وَتَقْلِيلِ الْمُخَالَفَاتِ وَكَذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ﵇ ﴿وَاجْعَلْ لِي لِسَان صدق فِي الآخرين﴾ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ يَقْتَدِي بِي مَنْ بَعْدِي وَلِهَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ ﵇ بِقَوْلِهِ إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاث علم ينْتَفع بِهِ حَضًّا عَلَى نَشْرِ الْعِلْمِ لِيَبْقَى بَعْدَ الْإِنْسَانِ لِتَكْثِيرِ النَّفْعِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذكرك﴾ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَقَالَ الْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ يَنْبَغِي لِلْعَابِدِ السَّعْيُ فِي الْخُمُولِ وَالْعُزْلَةِ لِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ إِلَى السَّلامَة وَلِلْعَالِمِ السَّعْيُ فِي الشُّهْرَةِ وَالظُّهُورِ تَحْصِيلًا لِلْإِفَادَةِ وَلَكِنَّهُ مَقَامٌ كَثِيرُ

1 / 49