Удар по Александрии
ضرب الإسكندرية في ١١ يوليو
Жанры
وكانت الحكومة المصرية لا تجسر على سؤال أجنبي في أمر من الأمور - كبر أو صغر - إلا بحضور مترجم من القنصلية، فكانت القنصليات تتعمد منع المترجم من الحضور مع تكرار طلبه لكي تضطر صاحب الحق في النهاية إلى الرجوع إليها والمساومة معها في المصلحة المختلف عليها. وإذا وجب تفتيش بيت من بيوت الأجانب فلا بد من استئذان القنصلية قبل دخوله، ولا بد من تأجيل التفتيش يوما بعد يوم، بل أسبوعا بعد أسبوع، حتى يفرغ «المترجم» لمصاحبة الموظف المصري القائم بعمل التفتيش أو التحقيق. وكان المعهود المألوف في هذه الأحوال أن صاحب البيت المطلوب تفتيشه يعلم بالخبر من ساعي القنصلية أو من المترجم نفسه، فيبادر إلى تهريب ما عنده أو إلى إخفاء معالم الجريمة قبل إثباتها في محاضر التحقيق.
ولا يجوز نقض الحكم الصادر من القنصلية إلا أمام أقرب محكمة من محاكم الاستئناف في بلاد الدولة التي يمثلها القنصل، ويستدعي هذا أن المصري صاحب المصلحة في الاستئناف يسافر إلى أوربة أو يوكل عنه محاميا أوربيا يفرض عليه ما يشاء من الأتعاب، إن قبل التوكيل عنه في مخاصمة أحد من أبناء وطنه، ودون ذلك يهون ترك الحق واحتمال الضيم والتسليم في موضوع الخلاف. وقد يحتاج الأمر إلى محكمة في البرازيل أو الولايات المتحدة، بين الأمريكتين الشمالية والجنوبية، عدا أربع عشرة دولة في القارة الأوروبية.
واطمأن الأجانب إلى الحماية المطلقة في كل ما يعن لهم من الدعاوى المشروعة وغير المشروعة، فهانت عليهم أرواح المصريين واستخفوا بالعدوان عليها لسبب ولغير سبب، وشوهد مئات من القتلة يذهبون إلى بلادهم لمحاكمتهم أمام محاكمها العليا ثم يعودون بعد فترة وجيزة بأسماء أخرى أو بأسمائهم الأولى ولا تجسر الحكومة على إقصائهم أو استدعائهم لسؤالهم، ولا يجسر أحد من أقارب القتيل على مطاردتهم أو مناقشتهم؛ لأن دعواهم مقبولة ودعواه مرفوضة في جميع الأحوال، وإن قامت عليها البينات وعززتها شهادة الشهود.
وفي هذا وأمثاله، يقول شاعر النيل:
يقتلنا بلا قود
ولا دية ولا سبب
ويمشي نحو رايته
فتحميه من العطب
وإن السطوة الجامحة لتطغي الإنسان بين أبناء قومه، فكيف بمن يطغى على قوم ينظر إليهم نظرته إلى غريب مستباح الذمار يقتحم عليه بلاده ويبتز ماله ويسومه الخسف، وهو آمن وادع قرير العين والبال؟
ولعل بلدا من بلاد العالم لم يشهد حادثا كالحادث الذي رواه مستر «بتلر» في كتابه عن حياة البلاط بمصر؛ إذ روى قصة من أعجب القصص عن حماية الامتيازات الأجنبية لتجارة المهربات، وفحواها أن قنصلا كان يقاسم رعاياه المهربين أرباحهم من تهريب المحظورات، فنمى إليه يوما أن رجال حرس السواحل ضبطوا أولئك المهربين ومعهم مقدار كبير من البضائع المهربة، فجمع طائفة من زعانف قومه وهجم بهم على ثكنة حراس السواحل وأعملوا فيهم الضرب والطعن والسباب، وتكالب القنصل وزعانفه حتى بلغ من هياجه أنه أنشب أسنانه في ذراع أحد العساكر فانخلعت إحداها وبقيت في ذراع الجندي الجريح، وثبت ذلك للمحقق موريس بك «الأجنبي»؛ لأنه رأى أثر السن المخلوعة في فم القنصل الهمام، ثم احتج القنصل على الحكومة على ما لقيه من مقاومة جنودها، وآزره زملاؤه الأماثل، فانتهت القضية بعقاب الحراس والاعتذار للقنصل الشاكي من أولئك «المعتدين» المساكين! •••
Неизвестная страница