Удар по Александрии
ضرب الإسكندرية في ١١ يوليو
Жанры
أما إنجلترا فقد أملى عليها موقعها البحري واستيلاؤها على الهند أن تحتل جبل طارق ورأس الرجاء الصالح وعدن ومصر، كما تحتل جزيرة مالطة وجزيرة قبرص، وتعللت لاحتلال كل موقع من هذه المواقع بعلة بينها وبين العلل الأخرى أشد مما بين هذه المواقع جميعا من مسافات المكان، ولكن «السياسة الجغرافية» هي العلة الواحدة التي تطوي جميع تلك العلل، والغاية الأخيرة التي تسبق جميع تلك الغايات.
فإذا كذب الساسة وانخدع المسوسون، لم تكذب الجغرافية ولم ينخدع التاريخ.
الامتيازات الأجنبية
بلغت الديون التي ماطلت الدول الأوروبية المفلسة في سدادها عند نهاية القرن التاسع عشر أكثر من أربعمائة مليون جنيه، ولكن الدولة البريطانية لم تتخذ من دين واحد بين هذه الديون الكثيرة ذريعة للمساس باستقلال الدول المفلسة، ولم تكلف نفسها كتابة ورقة واحدة رسمية لاستقضاء هذه الديون بالنيابة عن الدائنين، فضلا عن الإلحاف والتهديد والمطالبة بتعيين الوزراء الأجانب للإشراف على خزائن الدول المدينة، كما فعلت في البلاد المصرية.
1
إلا أن الامتيازات الأجنبية تكفلت لها بذرائع العدوان على السيادة المصرية، والامتيازات الأجنبية أطمعت البيوت المالية - من إنجليزية وغير إنجليزية - في بذل ديونها بأكبر الفوائد التي لم يسمع بمثلها في معاملات الدول، وهي مطمئنة إلى استردادها مضاعفة والتوسل بها إلى المزايا السياسية والمغانم «الاقتصادية» التي تفوقها في الخطر والمنفعة.
كتب الخديو إسماعيل إلى سفيره «غير الرسمي» إبراهام بك في سنة 1874، يقول:
لأي سبب أو مناسبة تتدخل الدول في المسائل الداخلية للسلطنة - العثمانية؟ إن الامتيازات هي هذا السبب أو تلك المناسبة، وآية ذلك أن المغفور له الصدر الأعظم، وصف الامتيازات في مؤتمر باريس بأنها حجر عثرة في سبيل الإدارة الحسنة للسلطنة، فطلب إلغاءها لأنها مدعاة للاضطراب؛ أي للضعف. وما دامت الامتيازات كذلك فلا بد من إزالتها، ولكن ما السبيل؟ هل هو القوة؟ هل هو إلغاؤها بلا قيد ولا شرط، كما سمعت شخصية عالية في استامبول تقترح ذلك؟ كلا ثم كلا، لن يكون ذلك إلا حافزا للدول على مناهضة إلغائها واستفزازا للرأي العام في أوربة، مما يفوت علينا غرضنا بل يزيد تطبيقها عنفا، فالوسيلة الوحيدة، الوسيلة الكفيلة بإدراك غايتنا هي التي اصطنعتها في مصر، لما رأيت أن مصر ضائعة لا محالة إذا استمرت فريسة لتدخل القنصليات.
2
إلا أن الامتيازات الأجنبية التي وصفها الصدر الأعظم بأنها «حجر عثرة في سبيل الإدارة الحسنة للسلطنة العثمانية»، كانت في الواقع رحمة بالقياس إلى الامتيازات التي كانت تطبقها الدول في البلاد المصرية؛ فإن النظام العثماني كان يسمح بمحاكمة الأجانب أمام المحاكم الوطنية، أما في مصر فقد انتزعت «القنصليات» التي أشار إليها الخديو إسماعيل حقوقا مدعاة لم يرد لها ذكر في أي اتفاق من الاتفاقات الدولية. وساعدها على ذلك أن ولاة مصر شهدوا أثر القناصل في تنصيب الولاة وخلعهم، وفي الشفاعة لهم أو الشكوى منهم عند «الباب العالي»؛ فخافوهم وسلموا لهم في أمور لم تكن من حقهم في أرض الدولة العثمانية التي أنشأت هذه الامتيازات. وتمادى القناصل في انتزاع السلطة شيئا فشيئا حتى بلغت قنصلياتهم سبع عشرة قنصلية تحكم في قضايا الأجانب وتحكم على الوطنيين في المنازعات بينهم وبين رعاياها، بل تحكم على الحكومة المصرية بالغرامات والتعويضات كلما ادعى عليها مدع من الأوروبيين بأنها خالفت معه شرطا أو عرضته لخسارة مقصودة أو غير مقصودة. وقد أحصيت هذه التعويضات في أقل من أربع سنوات بين سنتي 1864 و1868 فبلغت ثلاثة ملايين من الجنيهات.
Неизвестная страница