فأشرنا إلى الجلاد فأرخى الحبل، فسقطت من ارتفاع عشرة أقدام إلى ارتفاع قدمين، ثم شد الجلاد الحبل، فانفك مفصلاها وانتقل ذراعاها إلى الأمام، فصرخت صرخة هائلة ثم سكتت، ولبثت كأنها مغشي عليها.
فأمرنا فصب على وجهها الماء، فأفاقت وقالت: «أيها القتلة اللئام لقد قتلتموني، وإني لست ناطقة لكم بحرف، ولو فصلتم ذراعي عن جسمي.»
فأمرنا فعلق في رجليها أثقال زنتها خمسون ليرة، ولكن في تلك اللحظة فتح الباب، وسمعت أصوات تقول: «كفى كفى! فلا تعذبوها طويلا.»
وكانت تلك أصوات أخويها وامرأة أبيها؛ إذ رأى القضاة أن يواجهوا جميعا لبعضهم لما رأوا إصرار بياتريس على الإنكار، وكان آل سنسي لم يجتمعوا ببعضهم منذ خمسة شهور. ولما رأى القادمون أختهم معلقة مفككة المفاصل تسيل دماؤها من يديها قال أكبرهم جاك: أختاه لقد ارتكبنا الجرم فتم الإثم، فلنعمل الآن على نجاة الروح ولنستقبل الموت عن طيب قلب، فلا تتركيهم يعذبونك هذا العذاب.
فأطرقت بياتريس رأسها كأنها تصرف عنها الألم، ثم قالت: إذن تريدون الموت، فليكن ما تريدون.
ثم التفتت إلى معذبيها قائلة: فكوا وثاقي وأعيدوا علي السؤال فسأجيبكم بالصدق عما تريدون.
فأنزلت من مكانها، وأتى حلاق فجبر لها مفاصلها، ثم قرءوا عليها الأسئلة التي وجهت إليها، فأجابت عنها معترفة كما وعدت بكل ما فعلت.
وبعد هذا الاعتراف طلب الإخوان أن يجعلوا جميعا في سجن واحد، فأجيبوا إلى طلبهم، ولكن في الغد صدر الأمر بنقل جاك وبرنار إلى سجون توردنيونا، وبقيت المرأتان في سجنهما.
الخاتمة
ولما قرأ البابا أوراق القضية واطلع على اعتراف المتهمين اندهش وذعر، وأمر بأن يعلق المجرمون في ذيول خيول جموحة تطلق بهم في طرقات المدينة، ولكن أهاج القوم هذا الحكم، وذهب قوم من الكرادلة والأمراء، فجثوا لدى عرش البابا، والتمسوا منه أن يعدل حكمه ويسمح لهؤلاء البؤساء أن يدافعوا عن أنفسهم.
Неизвестная страница