إليه مئتي دينارٍ؛ وليس أحدٌ من الرؤساء المتقدمين في النحو إلا بصريٌ، حتى إنهم حججٌ في اللغة تؤخذ عنهم لفصاحتهم، وكانوا لا يأخذون إلا عن الفصحاء، ولهم السبق والتقدم، منهم أبو الأسود الدؤلي وأبو عمروٍ.
٨٤- وسمعت علي بن سليمان يقول: ساءني أن خلف البزاز على جلالته ومحله ترك الكسائي، وهو أستاذه، ولم يرو عنه حرفًا واحدًا مع حاجته إليه في تصنيفه «كتاب القراءات» . ثم عرفني غير أبي الحسن أنه إنما ترك الرواية عنه لأنه سمعه يقول: قال سيدي الرشيد! فتركه، وقال: إن إنسانًا مقدار الدنيا عنده أن يجل رجلًا من أهلها هذا الإجلال لحريٌ ألا يؤخذ عنه شيءٌ من العلم.
٨٥- ولم يكن الرشيد من الخلفاء شديد الكبر ولا الزهو، يدلك على ذلك ما رواه محمد بن سماعة، قال: دخلت مع محمد بن الحسن دار هارون الرشيد -وقد بعث إليه- فقعدنا في مجلسٍ، فبينا نحن كذلك إذ خرج هارون، فقام الناسك لهم غير محمدٍ، ثم دعا به، فأدخل عليه، فقال له: قد عزمت على أن أجبر بني تغلب على الإسلام. فقال: ولم ذاك؟ قال: لأن عمر صالحهم على أن لا ينصروا أبناءهم؛ فقال له محمدٌ: وقد ترك عمر أبناءهم على حكمهم، ولم يأخذهم بالإسلام؛ فقال له هارون: فلعل مدة عمر بعد صلحه إياهم لم تطل! قال محمدٌ: فهبها كانت كذلك، قد كان بعده إماما عدلٍ لهما مدةٌ طويلةٌ: عليٌ
1 / 57