ففكرت ساعةً فلم يتجه لي شيءٌ، فقلت: أقلني! أنا كاتب خراجٍ.
قال: فوجه بك أمير المؤمنين إلى ناحية من عمله وأمرك بالعدل والإنصاف وأن لا تدع شيئًا من حق السلطان يذهب ضياعًا وحذرك أن تشكى، فخرجت حتى قدمت الناحية، فوقفوك على قراح خطه قابل فتي، كيف تمسحه؟ قلت: آخذ وسطه وآخذ طوله فأضربه فيه؛ قال: يختلف عليك العطوف؛ قلت: آخذ طوله وعرضه من ثلاثة مواضع، قال: إن طرفيه محددان وفي تحديده تقويسٌ وذلك يختلف؛ فأعياني ذلك، فقلت أقلني! فإني كاتب معونةٍ.
قال: فرجلٌ وثب على رجلٍ فشجه موضحةً، فوثب على من شجه فشجه مأمومةً، كم بينهما من الدية؟ قلت: لا علم لي بذلك؛ قال: فلست كاتب معونةٍ! فقلت: أقلني! أنا كاتب جندٍ.
قال: فإن رجلين من عسكرك اسمهما واحدٌ، هذا مشقوق الشفة العليا وهذا مشقوق الشفة السفلى، كيف تحليهما؟ قلت: لا علم لي، أقلني! فأنا كاتب قاضٍ.
قال: فإن رجلاٌ هلك وخلف حرةً حاملًا وسرية ًحاملًا، فولدتا في ليلةٍ واحدةٍ، الحرة جاريةً والسرية غلامًا، فأخذت الحرة البنت فوضعتها في مهد السرية، وأخذت الابن، وتناكرتا كيف تحكم بينهما؟ قلت: لا علم لي بذلك، فأقلني! قال: قد فعلت.
1 / 42