وقد سمعنا فى البيار حديثا جامعا، حدثنا أبو الوليد قال: حدثنى محمد بن يحيى عن الواقدى عن هشام بن عمارة عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم، قال: أخبرنى أبى قال: سألنى عبد الملك بن مروان: من أين كانت أولية قريش تشرب الماء قبل قصى، وكعب بن لوى، وعامر بن لوى، قال: فقال أبى: لا تسأل عن هذا أحدا أبدا أعلم به منى، سألت عن ذلك مشيخة جلة دخل الإسلام على أحدهم.
بئر السيرة: وقد أفند فقال: كان أول من حفر بيرا مرة، حفر بيرا يقال لها: السيرة خارجة من الحرام، فكانوا يشربون منها دهرا إذا كثرت الأمطار شربوا، وإذا أقحطوا ذهب ماؤها، وكانوا يشربون من أغادير فى رءوس الجبال، ثم كان مرة حفر:
بئر الروا: بيرا أخرى يقال لها: بير الروا، وهما خارجتان من مكة، وهما فى بواديهما مما يلى عرفة وهم يومئذ حول مكة، وخزاعة تلى البيت وأمر مكة، ثم حفر كلاب بن مرة: خم ورم والجفر، وهذه أبيار كلاب بن مرة كلها خارجا من مكة، ثم كان قصى حين جمع قريشا وسميت قريش لتقرشها، وهو التجمع بعد التفرق وأهل مكة على ما كان عليه الآباء من الشرب من رءوس الجبال، ومن هذه الآبار التى خارج من مكة فلم يزل الأمر على ذلك حتى هلك قصى ثم ولده من بعده يفعلون ذلك حتى هلك أعيان بنى قصى: عبد الدار، وعبد مناف، وعبد العزى، وعبد بنو قصى فخلف أبناؤهم فى قومهم على ما كان من فعلهم، فلما انتشرت قريش وكثر ساكن مكة قلت عليهم المياه واشتدت عليهم المؤنة، وعطش الناس بمكة أشد العطش فكان أول من حفر عبد شمس بن عبد مناف بن قصى فحفر الطوى وهى التى بأعلى مكة عند الببضاء دار محمد بن يوسف، وحفر هاشم بن عبد مناف بذر وهى البير التى عند المستنذر فى خطم الخندمة على فم شعب أبى طالب وقال حين حفرها: لأجعلنها بلاغا للناس، وحفر هاشم سجلة وهى بير مطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف التى يسقنى عليها اليوم، قال عبد الملك: والله القديم، ما تحريت الصدق لك وعليك، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم ابتاعها مطعم بن عدى من أسد بن هاشم وبنو هاشم، تزعم أن عبد المطلب بن هاشم وهبها له حين حفر زمزم واستغنى عنها، وسأله مطعم بن عدى أن يضع حوضا من آدم إلى جنب زمزم يسقى فيه من ماء بيره، فإذن له فى ذلك، وكان يفعل ذلك.
قال محمد بن جبير: فكثرت المياه بمكة بعد ما حفرت زمزم حتى روى القاطن والبادى، ودنت لها بكر وخزاعة، فارتووا منها لا تنزح، قال عبد الملك:
بئر الجفر: ثم ماذا؟ قال محمد بن جبير: ثم حفر أمية بن عبد شمس الجفر لنفسه.
1 / 9