طَرِيقَته فِي الإجتهاد وَاسْتِعْمَال الْأَدِلَّة وترتيب بَعْضهَا على بعض الثَّالِث المتوسطون وهم الَّذين لم يبلغُوا رُتْبَة الإجتهاد لكِنهمْ وقفُوا على أصُول الإِمَام وتمكنوا من قِيَاس مَا لم يجدوه مَنْصُوصا على مَا نَص عَلَيْهِ وَهَؤُلَاء مقلدون لَهُ وَكَذَا من يَأْخُذ بقَوْلهمْ من الْعَوام وَالْمَشْهُور أَنهم لَا يقلدون فِي أنفسهم لأَنهم مقلدون وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الْهَرَوِيّ وَهُوَ من تلامذة الإِمَام مَذْهَب عَامَّة الْأَصْحَاب فِي الْأُصُول أَن الْعَاميّ لَا مَذْهَب لَهُ فَإِن وجد مُجْتَهدا قَلّدهُ وَإِن لم يجده وَوجد متبحرا فِي مَذْهَب قَلّدهُ فَإِنَّهُ يفتيه على مَذْهَب نَفسه وَهَذَا تَصْرِيح بِأَنَّهُ يُقَلّد المتبحر فِي نَفسه والمرجح عِنْد الْفُقَهَاء أَن الْعَاميّ المنتسب إِلَى مَذْهَب لَهُ مَذْهَب وَلَا يجوز لَهُ مُخَالفَته وَلَو لم يكن منتسبا إِلَى مَذْهَب فَهَل يجوز أَن يتَخَيَّر ويتقلد أَي مَذْهَب شَاءَ فِيهِ خلاف مَبْنِيّ على أَنه هَل يلْزمه التَّقْلِيد لمَذْهَب معِين أم لَا فِيهِ وَجْهَان قَالَ النَّوَوِيّ وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ الدَّلِيل أَنه لَا يلْزم بل يستفتي من شَاءَ وَمن اتّفق لَكِن من غير تلقط للرخص فِي كتاب آدَاب القَاضِي من فتح الْقَدِير وَاعْلَم ان مَا ذكر المُصَنّف فِي القَاضِي ذكر فِي الْمُفْتِي فَلَا يُفْتِي إِلَّا المجتهدون وَقد اسْتَقر رَأْي الْأُصُولِيِّينَ على أَن الْمُفْتِي هُوَ الْمُجْتَهد فَأَما غير الْمُجْتَهد مِمَّن يحفظ أَقْوَال الْمُجْتَهد فَلَيْسَ بمفت وَالْوَاجِب عَلَيْهِ إِذا سُئِلَ أَن يذكر قَول الْمُجْتَهد على طَرِيق الْحِكَايَة كَأبي حنيفَة على جِهَة الْحِكَايَة فَعرف أَن مَا يكون فِي زَمَاننَا من فَتْوَى الْمَوْجُودين لَيْسَ بفتوى بل هُوَ نقل كَلَام الْمُفْتِي ليَأْخُذ بِهِ المستفتي وَطَرِيق نَقله كَذَلِك عَن الْمُجْتَهد أحد أَمريْن إِمَّا أَن يكون لَهُ سَنَد فِيهِ إِلَيْهِ أَو يَأْخُذ من كتاب معرف تداولته الْأَيْدِي نَحْو كتب مُحَمَّد بن الْحسن وَنَحْوهَا من التصانيف الْمَشْهُورَة للمجتهدين لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْخَبَر الْمُتَوَاتر عَنْهُم أَو الْمَشْهُور هَكَذَا ذكر الرَّازِيّ فعلى هَذَا لَو وجد بعض نسخ النَّوَادِر فِي زَمَاننَا لَا يحل رفع مَا فِيهَا إِلَى مُحَمَّد وَلَا إِلَى أبي يُوسُف لِأَنَّهَا لم تشتهر فِي عصرنا فِي دِيَارنَا وَلم تتداولها الْأَيْدِي نعم إِذا وجد النَّقْل عَن النَّوَادِر مثلا فِي كتاب مَشْهُور مَعْرُوف كالهداية والمبسوط كَانَ ذَلِك تعويلا على ذَلِك الْكتاب فَلَو كَانَ حَافِظًا للأقاويل الْمُخْتَلفَة للمجتهدين وَلَا يعرف الْحجَّة وَلَا قدرَة لَهُ على الإجتهاد للترجيح لَا يقطع يَقُول مِنْهَا وَلَا يُفْتِي بِهِ بل يحكيها للمستفتي فيختار المستفتي مَا يَقع فِي قلبه أَنه الأصوب ذكره فِي بعض الْجَوَامِع
1 / 35