بل إن هذا بذاته هو السبب الدافع الكامن والمؤجج لرغبات الاستحواذ عليها من جانب معظم طالبي الزواج منها، الذين رفضتهم بكل عنف كاشفة ومبررة لأبيها طموحاتهم الدفينة.
وهكذا خلا الجو لابن عمها «العلام بن هضيبة» الحاكم الفعلي لتونس وقلاعها، نظرا إلى شبابه وحيويته المتدفقة وقسوته المتجبرة، خاصة مع كل طامع من الغرباء.
خلا الجو للعلام «ليبيض ويفرخ» مستعينا في أحقيته القبائلية في الزواج من ابنة عمه عزيزة، مما ييسر له بالطبع الطريق المفتوح على مصراعيه إلى عرش تونس، الذي نضج وحان قطافه بمجرد أن يلفظ السلطان المعتزل المريض «معبد بن باديس» والدها أنفاسه الواهنة. - العلام.
لكم فكرت عزيزة فيه وانشغلت كثيرا في هذا الأمر، حتى أعياها التفكير دونما التوصل معه إلى سلام أو مهادنة تتيح لها الالتئام النفسي معه والاطمئنان منه! لكن دون جدوى.
وكثيرا ما استعانت عزيزة بصديقتها المقربة سعدى، التي كانت بدورها تكره العلام، ليس فقط لمجرد التعاطف مع عزيزة، لكن بسبب دمويته وتجبره وشهوته العارمة للسلطة والتسلط.
ناهيك عما كانت تسمعه بنفسها من والدها خليفة الزناتي، الذي لم يكن يخفي عنها خافية من صراعه اليومي الطاحن مع العلام ابن أخته، حتى إذا ما انتهى الأمر به في أحضان فراشه، كانت سعدى آخر من يطبق عينيه على خيالها شاكية متأففة منه.
وكم من إهمال وصل بالزناتي الكمد حتى أقصاه، من العلام وأفعاله! وهو الذي أتاح له الوصول إلى قمة السلطة الحاكمة بتونس وقرطاج، إلا أن العلام كان لا يعرف له حدودا يقف عندها حامدا ربه.
فكان كمن يتغذى بالتملك الذي يتيح له مواصلة الصعود والتفوق دون مراعاة كافية لمعلمه وربيبه الزناتي، مما كان يتيح للأخير إحساسا بصنع المعروف في غير أهله.
ومن هنا كانت تعلو شكواه لأقرب مقربيه ابنته سعدى متذمرا شاكيا: هذا العلام الأرقط، المسموم!
وبالطبع تقوم سعدى بنقل نص حديث وتذمر والدها الزناتي صبيحة اليوم التالي لأذني العزيزة، التي يصل بها النفور إلى حد كره تونس بمن فيها، وقد يدفعها الأمر أو الضيق إلى التفكير في السفر والسياحة، أو استعجال المؤجل من برامجها. - لا مهرب لنا يا سعدى يا أختي سوى السفر لكي ننسى.
Неизвестная страница