Эпоха Возрождения: очень краткое введение
عصر النهضة: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
الفلسفة تقف الآن حرة وعلى قدم المساواة مع الدين، ولكن لا يمكن أن تتعارض معه؛ لأن الأصل المشترك والمحتوى المشترك يضمن اتفاقهما. وهذا بلا شك أحد هذه المفاهيم التي أشار بها فيتشينو إلى الطريق نحو المستقبل.
تناولت أفلاطونية فيتشينو العلاقات المتوترة بين الفلسفة والدين والدولة؛ تلك العلاقات التي كانت أيضا متوترة في أوروبا في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي عندما كان كريستلر يدرس أعمال فيتشينو.
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، والاضطرابات الاجتماعية والسياسية في ستينيات القرن العشرين، خاصة تسييس العلوم الإنسانية وظهور الحركة النسائية والمساواة بين الجنسين، خضع عصر النهضة لعملية إعادة تقييم جوهرية. وكانت هناك استجابة مؤثرة بوجه خاص من الولايات المتحدة الأمريكية. ففي عام 1980، نشر الباحث الأدبي ستيفن جرينبلات كتاب «تشكيل الذات في عصر النهضة: من مور إلى شكسبير». وقد بنى الكتاب على وجهة نظر بوركهارت عن عصر النهضة بأنه نقطة ميلاد الإنسان الحديث. ويقول جرينبلات - الذي أسس عمله على التحليل النفسي وعلم الإنسان والتاريخ الاجتماعي - بأن القرن السادس عشر قد شهد «وعيا متزايدا بتشكيل الهوية الإنسانية»، حيث إن الرجل (وأحيانا المرأة) تعلم كيف يعالج أو «يشكل» ذاته وفقا للظروف المحيطة. وعلى غرار بوركهارت، رأى جرينبلات ذلك بداية ظاهرة عصرية على نحو مميز. وبالنسبة لجرينبلات، فإن أعمال كبار كتاب القرن السادس عشر بإنجلترا - مثل إدموند سبنسر، وكريستوفر مارلو، وويليام شكسبير - قدمت شخصيات خيالية مثل فاوستس وهاملت اللذين - بإدراك كامل للذات - تأملا هوياتهما وبدآ معالجتها؛ أي إنهما - على هذا المستوى - كانا أشبه برجلين عصريين. واللوحة التي استخدمها جرينبلات لعرض نظريته عن تشكيل الذات كانت بالضبط مثل لوحة «السفيران» لهانز هولباين.
استنتج جرينبلات أنه في عصر النهضة «بدأ موضوع الإنسان نفسه يبدو مقيدا بصورة ملحوظة، ويبدو المنتج الأيديولوجي لعلاقات القوة في مجتمع معين». ونظرا لأن جرينبلات كان كاتبا أمريكيا، فقد استعرض لاحقا إعجابه بإنجازات عصر النهضة وقلقه بشأن الجانب المظلم منه، ولا سيما - بالنسبة له - استعمار العالم الجديد ومعاداة السامية التي انتشرت طوال القرن السادس عشر.
ورغم عنوان كتاب جرينبلات، فإنه وغيره من الباحثين بدءوا في استخدام تعبير «أوائل العصر الحديث» للإشارة إلى عصر النهضة. وهذا المصطلح مشتق من التاريخ الاجتماعي، ويشير إلى علاقة تملؤها الشكوك بين عصر النهضة والعالم الحديث بشكل أكثر من النظرة المثالية التي يتبناها ميشليه وبوركهارت. كما يؤكد أيضا على أن عصر النهضة فترة من التاريخ وليس «الروح» الثقافية كما أشار كتاب القرن التاسع عشر. ومصطلح «أوائل العصر الحديث» كان يشير كذلك إلى أن ما حدث في الفترة ما بين 1400 و1600 كان له تأثير كبير على العالم الحديث. وبدلا من التركيز على كيف نظر عصر النهضة إلى العالم الكلاسيكي، فإن مصطلح «أوائل العصر الحديث» يشير إلى أن الفترة تضمنت توجها مستقبليا وضع تصورا مبكرا لعالمنا الحديث.
كما أشعل مفهوم أوائل العصر الحديث فتيل استكشاف موضوعات وقضايا لم يكن يتصور أحد أن لها علاقة بعصر النهضة. وقد عمد بعض الباحثين مثل جرينبلات، وناتالي زيمون ديفيس في كتابها «المجتمع والثقافة في فرنسا في أوائل العصر الحديث» (1975) إلى استكشاف الأدوار الاجتماعية التي لعبها الفلاحون والحرفيون، والمخنثون، والنساء «الجامحات». ونظرا لأن التخصصات الفكرية مثل علم الإنسان والأدب والتاريخ تتعلم من الرؤى النظرية لبعضها البعض، فقد ازداد التركيز على الفئات المستبعدة والأمور المهمشة. ومن ثم، خضعت فئات مثل «السحرة» و«اليهود» و«السود» لدراسة متأنية مجددا، حيث سعى النقاد لاستعادة الأصوات المهملة أو المفقودة من عصر النهضة.
وقد تأثر بعض النقاد - مثل جرينبلات وزيمون ديفيس - بالفكر الفلسفي والنظري في أواخر القرن العشرين، لا سيما فكر حركتي ما بعد البنيوية وما بعد الحداثة. وقد كانت هذه المناهج متشككة في «الروايات الجليلة» للتغير التاريخي من عصر النهضة إلى التنوير والحداثة. وهناك بعض المفكرين الذين ينتمون إلى توجهات متنوعة - مثل ثيودور أدورنو، وميشيل فوكو - قالوا بأن القيم الإنسانية والحضارية التي اعتبروا أنها نشأت في عصر النهضة لم يكن لها رد على الكوارث - بل وحتى من الممكن أن تكون متواطئة معها - التي نتجت عن التجارب السياسية للنازية والستالينية وأهوال محرقة الهولوكوست ومعسكرات الاعتقال السوفييتية. ونتيجة لذلك، فإن القليل من المفكرين في نهاية القرن العشرين كانت لديهم رغبة في الاحتفاء بالإنجازات الثقافية والفلسفية الكبرى لعصر النهضة، وبدلا من ذلك، بدأ الكثير من المؤرخين في تحليل الأشياء والأمور على مستوى محلي أكثر.
وبالمثل، فإن الأشياء العادية التي تمثل أهمية في الحياة اليومية ولكنها فقدت أو دمرت لاحقا، ظهرت لها أهمية مجددا. وبدلا من أن يركز الباحثون من مختلف التخصصات العلمية على فنون الرسم والنحت والهندسة المعمارية، فإنهم بدءوا البحث في كيف شكلت الأهمية المادية للأثاث والطعام والملابس والخزف وغيرها من الأشياء الدنيوية، عالم عصر النهضة. وبدلا من رؤية أوجه التشابه، فإن هذه المناهج أشارت إلى الهوة بين عصر النهضة والعالم الحديث. فالأشياء والهويات الشخصية لم تكن ثابتة وغير قابلة للتغيير كما أشار بوركهارت ضمنا في حديثه عن الإنسان «الحديث»، بل كانت سلسة وتعتمد على ما حولها.
ولا يزال النزاع قائما على تراث عصر النهضة في القرن الحادي والعشرين، فمنذ الهجوم على الولايات المتحدة الأمريكية في سبتمبر 2001، احتل الحديث عن صدام الحضارات بين الشرق والغرب موقع الريادة بناء على افتراض أن عصر النهضة يمثل انتصارا عالميا للقيم العليا لإنسانية الغرب. ولكن كما سنرى في الفصل التالي، فإن أصول عصر النهضة كانت مختلطة ثقافيا أكثر بكثير مما قد توحي هذه المزاعم، ويمتد تأثيرها إلى ما وراء شواطئ أوروبا.
هوامش
Неизвестная страница