الشَّيْخ المسحاة فِي الأَرْض وَقعد فَقَالَ عِيسَى ﵇ اللَّهُمَّ رد عَلَيْهِ أمله فَقَامَ الشَّيْخ إِلَى مسحاته وَرجع إِلَى عمله فَدَعَاهُ عِيسَى ﵇ فَقَالَ أَيهَا الشَّيْخ لم طرحت مسحاتك ثمَّ رجعت إِلَيْهَا فَقَالَ يَا روح الله بَيْنَمَا أَنا أعمل بمسحاتي إِذْ قلت فِي نَفسِي وَإِلَى مَتى هَذَا الْعَمَل وَإِلَى مَتى هَذَا التَّعَب وَلَعَلَّ الْمَوْت يأتيني فِي هَذِه السَّاعَة فطرحت المسحاة وَقَعَدت فَبَيْنَمَا أَنا قَاعد إِذْ تفكرت فِي نَفسِي وَقلت لَعَلَّ الْمَوْت لَا يأتيني فِي هَذَا الْوَقْت وَأَنا مُحْتَاج إِلَى قوت يقيمني وغذاء يمسك بنيتي وَلَا بُد من الْعَمَل فَقُمْت إِلَى مسحاتي وَرجعت إِلَى عَمَلي
وَقَالَ مطرف بن عبد الله ﵀ لَو علمت مَتى أحلي لَخَشِيت ذهَاب عَقْلِي وَلَكِن الله من على عباده بالغفلة عَن الْمَوْت وَلَوْلَا الْغَفْلَة عَنهُ مَا تهنأوا بعيش وَلَا قَامَت الْأَسْوَاق
وَقَالَ الْحسن ﵀ الْغَفْلَة والأمل نعمتان عظيمتان على ابْن آدم ولولاهما مَا مَشى الْمُسلمُونَ فِي الطّرق يُرِيد لَو كَانُوا من التيقظ وَقصر الأمل وَخَوف الْمَوْت بِحَيْثُ لَا ينظرُونَ فِي مَعَايشهمْ وَمَا يكون سَببا لحياتهم لهلكوا وَكَذَلِكَ أَرَادَ مطرف ﵀
ويروى أَن الْمفضل بن فضَالة رَحمَه الله تَعَالَى سَأَلَ ربه أَن يرفع عَنهُ الأمل فَاسْتَجَاب لَهُ فَترك الْأكل وَالشرب وَلم تستقم لَهُ عبَادَة فَدَعَا ربه أَن يرد عَلَيْهِ أمله فَرده عَلَيْهِ فَرجع إِلَى طَعَامه وَشَرَابه
وَقَالَ ابْن الْمهْدي ﵀ من قوى أمله قل عمله وَمن أَتَاهُ أَجله لم يَنْفَعهُ أمله غير أَنه لَا بُد من أُمْنِية وأمل تحيا بهما النَّفس وَيُقَوِّي بهما الْقلب وتعمر بهما الدُّنْيَا
وَقَالَ سعيد بن عبد الرَّحْمَن إِنَّمَا عمرت الدُّنْيَا بقلة عقول أَهلهَا يُرِيد أَنهم بقلة عُقُولهمْ انصرفت هممهم عَن الْآخِرَة وَأَقْبَلت على الدُّنْيَا فعمروها وَاشْتَغلُوا بهَا
وأنشدوا
1 / 95