وتكره الحجامة فيه، حدث حمدون بن إسماعيل قال: سمعت المعتصم بالله يحدث عن المأمون عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس رضي الله عنهم عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: «من احتجم يوم الخميس فحم مات في ذلك المرض»، قال:
دخلت على المعتصم يوم الخميس فإذا هو يحتجم فلما رأيته وقفت واجما ساكتا حزينا فقال: يا حمدون لعلك تذكرت الحديث الذي حدثتك به ؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، فقال: والله ما ذكرت حتى شرط الحجام فحم من ساعته وكان المرض الذي مات فيه (رحمه الله تعالى).
(القول في المشهور)
لكل صنف من أصناف الناس شهور مثل شهور العرب والروم والفرس والقبط والهند والزنج، لكن الشهور المستعملة في زماننا هذا شهور العرب والروم والفرس فاقتصرت على ذكرها وذكر بعض خواصها والمواسم فيها، وبالله التوفيق.
31 فصل: في شهور العرب
الشهر عندهم عبارة عن الزمان الذي بين الهلالين، ويتفق ذلك في كل سنة من سنينهم اثنتي عشرة مرة؛ لأن سنينهم ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وكسر من يوم، فإذا جعلنا شهرا ثلاثين، وشهرا تسعة وعشرين صارت الشهور منطبقة على أيام السنة، وإذا صارت الكسور يوما زادوه في آخر ذي الحجة، وقد نطق بذلك الكتاب المجيد: إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم [التوبة: 36]، والأشهر الحرم: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم. واحد فرد وثلاثة سرد للمحرم زيادة وقع عند الله تعالى، فالطاعات فيها أكثر ثوابا والمعاصي أعظم عقابا، وهذه الأشهر كانت محرمة في الجاهلية، وكانت العرب في هذه الأشهر تنزع الأسنة عن رماحها، وتقعد عن شن الغارات، وكان الخائف فيها يأمن من أعدائه حتى إن الرجل إذا لقي قاتل أبيه، أو أخيه لم يتعرض له، فلنذكر الآن الشهور.
(المحرم) سمي محرما لحرمة القتال فيه (1)، فاليوم الأول منه معظم عند ملوك العرب يقعدون للهناء كما أن اليوم الأول من سنة الفرس كان عندهم معظما وهو النيروز والسابع منه هو الذي خرج فيه يونس من بطن الحوت، وقيل: إنه كان في رابع عشر ذي القعدة، والعاشر منه يوم عاشوراء يوم معظم في جميع الملل؛ لأنه فيه تاب الله تعالى على آدم (عليه السلام)، واستوت
Страница 69