لظبي قد بكت عيني، وقالت
أنوح إلى النشور، فقلت نوحي!
وذاك لميله شرقا وغربا
لنفحات الغبوق مع الصبوح •••
كان الناس في عصر عائشة يتلقفون الأدوار والمواليا، تلك الأغاني الشعبية التي يفهمها الجميع ويستلذونها بلا إجهاد؛ لأنها تخاطب ألصق العواطف وتحدث عنها باللهجة العامة. وتلك الأغاني، كمجموعة المغني العربي القديم والحديث، تكاد تنحصر في شكوى الحب، ولوم الحبيب، ووصف جماله ودلاله، وعبادة ما نثر على وجنتيه من خال وشامة، والتحرق من جراء هجره، والابتهال إليه وإلى الأيام والقدر ليروا جميعا ما يحسن صنعه لتسوية الأمور ... وقصائد عائشة الغزلية لا تعلو هذه الأغاني إلا بكونها منظومة؛ لذلك سهل إنشادها، لا سيما الرباعيات التي يغنوها في سورية وفلسطين لبساطة معانيها وتراكيبها. كذلك سمعت أدوارا ومواليا تنشد في اجتماعات الأنس وحفلات الأفراح، ولم يدر المنشدون أنهم بإنشادهم يلحنون روح التيمورية. كما أن كثيرين منا عندما ينشدون «قدك أمير الأغصان» و«الحلو لما انعطف» وغيرها، يجهلون أنهم منشدون شعرا لإسماعيل صبري باشا. وأن كثيرا من الأدوار الشائعة هي من صنع أدباء كبار نحسبهم تحصنوا في معاقل اللغة الفصحى مزدرين بالأدب الشعبي البليغ. وهاك دورا من وضع عائشة:
حياتي بعد بعدك نوح
ووعدي ضيعك مني
دانت أنت الغذا للروح
وليه ترضى البعاد عني؟
وغيره:
Неизвестная страница