49

Дева Курайш

عذراء قريش

Жанры

فمد مروان يده إلى جيبه وأخرج رقا عليه كتابة، وقال: «هذا كتاب العقد وعليه خاتم الخليفة.» فنظرت أسماء ونائلة فرأتا الخاتم فبهتتا، ولكن أسماء تبسمت ولم تعبأ بتهديده وقالت: «قد عرفناك قبل اليوم تزور الكتب على أمير المؤمنين. إن الخليفة بريء مما تعمل وقد أخطأ إذ جعلك كاتبه، أما كفاك ما أيقظت من الفتنة بتزوير الكتب، حتى جئت تفتعل كتاب العقد أيضا؟ إن هذا البلاء الذي نحن فيه إنما هو من تزوير ذلك الكتاب على لسان الخليفة إلى والي مصر، وكان الناس قد عادوا إلى بلادهم فأرجعتهم وأعدت الفتنة، فأرجع هذا الكتاب إلى جيبك واخرج من هذه الغرفة قبل أن أذيقك الهوان.»

قالت ذلك وهمت به وهي تخرج خنجرها من بين أثوابها وكان لا يفارق جنبها أبدا، فهمت بها نائلة لتجلسها فأفلتت منها وهجمت على مروان تريد قتله ففر أمامها، ثم عاد وقد جرد حسامه وهجم عليها ولكنه سمع ضجة عظيمة في صحن الدار، وصوتا ينادي: «مروان! مروان!» فخرج مسرعا والسيف في يده.

الفصل السابع

مقتل عثمان

لم يلبث من في دار عثمان أن رأوا الدخان يتصاعد من جهة بابها، فحسبوا أن قد شب فيها الحريق فهاجوا وماجوا واشتغل كل بنفسه، وصاحت نائلة: «ويلاه! قد أحرقونا!» وهرولت مسرعة إلى حجرة زوجها.

وأطلت أسماء من نافذة على باب الدار، فرأت الناس قد تجمهروا وعددهم يزيد على ألف وجعلوا يرمون الدار بالنبال حتى أصيب كثيرون. ثم رأت بعضهم قد اقتحموا الدار عنوة، وأبناء الصحابة وفيهم الحسن والحسين يدفعونهم، ورأت آخرين قد أوقعوا النار في السقيفة فوق الباب ليحرقوها ويحرقوا الباب معا. وسمعت جموعهم يصيحون: «ادفعوا إلينا مروان فنقتله وكفى!» فاضطربت أسماء وفتحت النافذة وخنجرها لا يزال في يدها، وسارت إلى غرفة عثمان لعلها تقنعه بتسليم مروان فينجو هو، فرأت الدار ملأى بالناس وقد دخل بعضهم من ناحية دار بني حزم، ورأت مروان وبيده السيف يريد أن يدفعهم فهجم عليه أحدهم وضربه بالسيف على عنقه فدار دورة ووقع، فصاحت أسماء: «بورك فيك يا من قتلته! فإنه أصل الشر كله.» ولكن الضربة لم تكن قاضية فقطعت أحد علياويه فعاش مروان بعد ذلك بينما حسبته أسماء قد مات، وسارت وسط الجماهير إلى حجرة الخليفة فرأته جالسا والقرآن بين يديه وعنده نائلة واقفة والدموع ملء عينيها.

ولم تكد تقف حتى دخل الحسن والحسين وأولاد الصحابة وفي أيديهم السيوف مسلولة، ورأت ثياب الحسن مصبوغة بالدم، وكان عثمان لما سمع بدفاعهم عند باب داره خاف عليهم فبعث يستقدمهم إليه ليردعهم عن ذلك قائلا: «أغمدوا السيوف وارجعوا، فإن الله قد عهد إلي وأنا صابر عليه، وقد علمت أن الناس قد أحرقوا السقيفة فلم يحرقوها إلا وهم يطلبون ما هو أعظم.» ثم وجه خطابه إلى الحسن فقال له: «ارجع يا بني، إن أباك الآن في هم عظيم من أمرك.» فلم يصغ الحسن وأبناء الصحابة لقوله وعادوا يدفعون الناس، وظل هو على مقعده يقرأ ولا يبالي الغوغاء وعنده زوجته نائلة.

وكانت أسماء منتبذة مكانا بالقرب منها وقلبها يخفق خوفا عليه، فما لبثت أن رأت رجلا من قريش دخل عليه وقال له: «اخلعها وندعك» يعني الخلافة، فقال عثمان: «ويحك! والله ما كشفت امرأة في جاهلية ولا إسلام، ولا تغنيت ولا تمنيت، ولا وضعت يميني على عورتي منذ بايعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم . ولست خالعا قميصا كسانيه الله تعالى حتى يكرم أهل السعادة ويهين أهل الشقاء.» فخرج الرجل. ثم رأت رجلا عرفت بعد ذلك أنه عبد الله بن سلام قد وقف في الناس وقال: «يا قوم، لا تسلوا سيف الله فيكم، فوالله إن سللتموه لا تغمدوه، ويلكم! إن سلطانكم اليوم يقوم بالدرة (السوط) فإن قتلتموه (أي الخليفة) لا يقوم إلا بالسيف. ويلكم! إن مدينتكم محفوفة بالملائكة فإن قتلتموه لتتركنها!» فصاحوا فيه: «ما أنت وهذا يا ابن اليهود؟!» فسكت.

كل ذلك وأسماء واقفة مضطربة القلب لا تدري ماذا تعمل، وكانت قد اطمأنت إلى ما أصاب مروان لظنها أنه قتل، ثم ما لبثت أن رأت محمدا بن أبي بكر دخل مسرعا ووراءه جماعة حتى دنا من عثمان، فأوجست خيفة من قدومه لعلمها بما في نفسه، ثم سمعت عثمان يقول له: «ويلك! أعلى الله تغضب؟! هل لي إليك جرم إلا حقا أخذته منك؟» فأمسكه محمد بلحيته وقال: «قد أخزاك الله يا نعثل!» وكان «نعثل» لقبا يلقبون به عثمان. فقال عثمان: «لست بنعثل، ولكنني عثمان وأمير المؤمنين.»

Неизвестная страница