108

Дева Курайш

عذراء قريش

Жанры

ولا تسل عن أسماء وما حل بها لما سمعت صوت محمد، فإنها أخذت ولبثت صامتة تحسب نفسها في منام حتى دنا وناداها باسمها، فقالت: «محمد؟! أين كنت يا حبيبي؟! هل بعثك الله لتنجيني؟! أفي يقظة أنا أم منام؟!»

قال: «بل في يقظة. ما الذي أصابك؟! هل من بأس عليك؟!»

قالت: «لا بأس بي غير جرح خفيف في زندي أصابني وأنا أدفع هؤلاء اللئام، ولولاه لقتلتهم جميعا ولكن السيف سقط من يدي وعثرت بعقال الجمل فشدوا وثاقي.» ونظرت فرأت مع محمد رجلا آخر لم تعرفه فخجلت لما أبدته من دلائل الحب، فأدرك محمد ما بها فقال: «لا تجزعي، هذا محمد بن جعفر ابن أخي أمير المؤمنين، وهؤلاء خدم سائرون في ركابنا إلى الكوفة وقد جئنا بمهمة في خدمة أمير المؤمنين، فاجلسي الآن واستريحي وقصي علينا خبرك.» فجلست ومحمد بن جعفر يعجب بما يبدو من همة تلك الفتاة، وكان قد سمع من محمد حديثها وأعجب بغيرتها على الإمام وعلى الإسلام، فأحبها بالسماع. فلما رأى فيها تلك الحمية رغب في سماع حديثها، فجلسا وقصت أسماء ما جرى لها وهما شاخصان يزدادان إعجابا. وقص محمد ما حدث له بعد مجيء كتابها، وقضوا الليل في الأحاديث وقبل الفجر أغمضت أجفانهم ساعة فاستراحوا. فلما انبلج الصبح وأفاقوا نظروا إلى ما حولهم فإذا ببقايا الهاربين، وفيها كثير من الزاد والآنية وجثة ملقاة عن بعد، فنظر محمد إليها وسأل أسماء عنها فقالت: «إنه أحد أولئك الطغام أدركته بضربة ذهبت بحياته.»

قال: «بورك فيك! نحن الآن ذاهبون إلى الكوفة وهي على مقربة منا، فهلم بنا إليها لنقضي مهمتنا ثم نذهب بك إلى المدينة تقيمين بها حتى تنقضي الحرب.»

فقالت وهي تنظر إليه نظر العاتب: «لعل كتابي لم يصل إليك؟!»

قال: «لقد وصل»، قالت: «فكيف تدعوني إلى الإقامة بالمدينة وقد آليت لأنصرن الإمام عليا ما استطعت إلى ذلك سبيلا؟!»

قال: «لقد جاهدت وسعك، وأنت مريضة الآن.» قالت: «لا بأس علي بإذن الله.»

قال: «فلنذهب معا إلى الكوفة ثم نرى ما يكون.»

قالت: «لا أرى في ذهابي إليها فائدة.» قال: «وماذا إذن؟»

قالت: «أنت تسير في مهمتك، وأما أنا فأذهب إلى أختك أم المؤمنين بالبصرة عسى أن أوفق إلى إقناعها ببراءة الإمام علي، فتكف عن الحرب حقنا لدماء المسلمين. إن الأمر لأعظم مما تتصوره يا محمد، وقد آليت على نفسي أن أضحي بكل شيء في سبيل دفع هذه الفتنة.» فأعجب بحميتها وقال لها: «ولكنني لا أرى سعيك إلا ذاهبا عبثا.»

Неизвестная страница