وجعل قضاء حوائج الناس أمانا من عذاب الله أو كما قال: «إن لله تعالى عبادا اختصهم بحوائج الناس، يفزع إليهم الناس في حوائجهم. أولئك الآمنون من عذاب الله.»
الشرع له الظاهر
وقد كان أعلم الناس أن الأعمال بالنيات ولكنه علم كذلك «إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم» فوكل الضمائر إلى أصحابها وإلى الله، وحاسب الناس بما يجدي فيه الحساب.
سمع خصومة بباب حجرته، فخرج إليهم قائلا: «إنما أنا بشر. وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صدق، فأقضي له بذلك فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو فليتركها.»
واليوم يكثر اللاغطون بحرية الفكر ويحسبونها كشفا من كشوف الثورة الفرنسية وما بعدها، ويحرمون على الحاكم أن يؤاخذ الناس بما فكروا به ما لم يتكلموا أو يعملوا ويكن في كلامهم وعملهم ما يخالف الشريعة ...
فهذا الذي يحسبونه كشفا من كشوف العصر الأخير قد جرى عليه حكم النبي قبل أربعة عشر قرنا، وشرعه لأمته في أحاديثه حيث قال عليه السلام: «إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تتكلم به، أو تعمل به.»
الرحمة فوق العدل
وزعموا كذلك أن تقديم الرحمة على العدل في تطبيق الشريعة دعوة من دعوات المصلحين المحدثين لم يسبقوا إليها، وهي هي دعوة النبي العربي التي كررها ولم يدع قط إلى غيرها، فقال: «إن الله تعالى لما خلق الخلق كتب بيده على نفسه أن رحمتي تغلب غضبي» وقال: «إن الله تعالى رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف» وقال: «إن الله تعالى لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن معلما ميسرا.» وروى عنه غير صاحب من أصحابه أنه ما خير بين حكمين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن فيه خرق للدين.
بنية الضعفاء
وكان يوصي بالضعفاء، ويقول لصحبه: «ابغوني الضعفاء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم» ويذم الترفع على الخدم والفقراء، «فما استكبر من أكل مع خادمه وركب الحمار بالأسواق واعتقل الشاة فحلبها.»
Неизвестная страница