Гений реформ и образования: Имам Мухаммед Абду
عبقري الإصلاح والتعليم: الإمام محمد عبده
Жанры
إن «الإله» عند أرسطو هو المحرك الأول ... ولا تأتي الحركة منه لأنه أبدي لا أول له ولا آخر، ولكنها تأتي من الهيولى التي هي المادة في دور القابلية، وإنما تخرج من القابلية إلى الكون بحركتها نحو الكائن الأول شوقا إلى الكمال، وهي في كل حركة تتخذ لها صورة معينة تجعلها شيئا وتجعلها أقرب إلى الكمال، بمقدار خلوها من الهيولى وازدياد نصيبها من الصورة المحض التي لا مادة فيها.
أما «الإله» في العقيدة الإسلامية كما يبسطها الأستاذ الإمام في كتبه المتقدمة فهو «الوجود الكامل المطلق»، وكل ما عداه من المخلوقات فهو ناقص محدود.
وكمال الله لا ينفي إرادة الخلق على قول أرسطو في الإرادة، ولا يقتضي قدم المخلوقات الناقصة المحدودة متفرقة أو متجمعة فيما نسميه العالم أو الكون، ولا يمنع العقل أن يكون هذا العالم حادثا وأن يكون الله أحدثه من العدم بقدرته؛ لأن القدرة هي إمكان القادر ما لا يمكن غيره، ومعنى قدرة الخالق المطلق أنه يمكنه ما ليس بالممكن بغير قدرته المطلقة، فلا وجه هنا للاستحالة مع الوجود المطلق الذي ليست له حدود.
وصفات الله التي يقتضيها الكمال واجبة وجوب وجوده على أكمل صفة، فإذا جاء الشرع بصفات غير مستلزمة عقلا، فلا يجوز للفيلسوف أن يرفض صفة من الصفات لا يمنع العقل نسبتها إلى الكمال المطلق، ولا معنى للجدل العقيم في استكناه هذه الصفات؛ لأن العقل الإنساني لا ينفذ إلى كنه شيء من الأشياء، فضلا عن كنه الوجود الأوحد الذي ليس له مثيل يقاس عليه.
وللأستاذ الإمام في ذلك رأي كرأي الفيلسوف الألماني عمانويل كان في استحالة العلم بالشيء في ذاته
Nomena
ووقوف العلم الإنساني عند الظواهر
مع التعبير عن هذا الفارق باصطلاح الأقدمين، وهو الفرق بين الكنه والعوارض؛ إذ يقول من رسالة التوحيد عن غاية كمال العقل الإنساني إنما هي: «الوصول إلى معرفة عوارض بعض الكائنات التي تقع تحت الإدراك الإنساني حسا كان أو وجدانا أو تعقلا، ثم التوصل بذلك إلى معرفة مناشئها وتحصيل كليات لأنواعها والإحاطة ببعض القواعد لعروض ما يعرض لها، وأما الوصول إلى كنه حقيقة ما فمما لا تبلغه قوته؛ لأن اكتناه المركبات إنما هو باكتناه ما تركبت منه، وذلك ينتهي إلى البسيط الصرف، وهو لا سبيل إلى اكتناهه بالضرورة، وغاية ما يمكن عرفانه منه هو عوارضه وآثاره.»
وليس قصور الإنسان عن استكناه الأشياء في ذواتها بحائل بينه وبين الاستعانة بعقله على المعرفة الدينية، فإنه بهذا العقل يستعين على كل معرفة تعنيه وتنفعه في مصالحه الدنيوية، وعلم العقل الإنساني بقصوره يلهمه تفويض الإيمان بمسائل الغيب، ومسائل الشرع التي لا يتطلبها العقل على صورة من الصور غير صورتها في الدين، كشعائر الفروض وأعداد الركعات في صلوات العبادة ومقادير الزكاة وما إليها، فإن العقل يتقبلها لأنها ضرورية على صورة من الصور، وليس له أن يرفضها على صورة دون صورة.
وبهذه القوة العاقلة في الإنسان يدرك ما يجب في حق الله وما ليس بالممتنع في حقه، كما يدرك ما ينبغي للخلق كله في جملته، وقصارى القول فيه أن الواجب في حق الله هو الواجب في حق الوجود الكامل المطلق، وأن نهاية القول في العالم كله أنه وجود مخلوق أو وجود محدود.
Неизвестная страница