والأدلة على هذا من كلامه أنه أعرب الآية وفق قول البصريين، وصدر كلامه بالنقل عن سيبويه وعنهم، وجعله مذهب الجمهور ضمنًا. ثم أورد رأي الكوفيين بعد ذلك. (١).
وكذلك قوله عند تفسير قوله تعالى: ﴿قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾: " ﴿فَيَكِيدُوا﴾، الفاء جواب النهي فلذا نصب بها ﴿فَيَكِيدُوا﴾ وحذفت النون علامة النصب، ﴿لَكَ﴾ متعلق بـ "يكيدوا"، (والنصب بأن مضمرة بعد فاء السببية المعتمدة على النهي والنفي وما في معناهما هو مذهب البصريين (٢».
والأمثلة على ذلك من كتابه كثيرة جدا فلا داعي لذكرها.
ومن الأمثلة التي تدل على أنه كان يذهب مذهب الكوفيين أحيانا قوله عند تفسير قوله تعالى:
﴿وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِين﴾ " ﴿إِنْ﴾ بمعنى ما، على تقدير: وإن كنت من قبله إلا غافلا، ويجوز أن تكون إن شرطا أي: إن كنت من الغافلين عن قصة يوسف وإخوته، حتى أتيناك بها ودللناك عليها، ولم تكن تهتدي لها". وهذا الذي رجحه هو مذهب الكوفيين (٣).
_________
(١) ينظر الخلاف بين البصريين والكوفيين في هذه المسألة عند ابن الأنباري أبي البركات، كمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري، (ت: ٥٧٧ هـ)، الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين: البصريين والكوفيين، ط ١، (بيروت: صيدا: المكتبة العصرية،١٤٢٤ هـ- ٢٠٠٣ م)، ٢/ ٤٦٣. ينظر قسم التحقيق، ص ١٢١.
(٢) ابن الأنباري أبو البركات، مرجع سابق، ٢/ ٤٥٤.
(٣) ينظر قسم التحقيق، ص ١١٠.
1 / 49