فسأله الشاب عن حاله فتأوه قائلا: الظاهر أني ضعيف جدا .. ولكني لا أدري.
فسأله بقلق: لا تدري ماذا؟ - ماذا؟! نعم ماذا؟ ولكن لم؟ هذه هي النقطة.
وساد الصمت مليا، ثم استدرك قائلا: لذلك لا أستطيع أن أقطع برأي، شقي أم سعيد؟
وأشار إليه كأنما سيفضي إليه بسر لا يريد أن يطلع عليه أحد، فقرب الشاب وجهه منه فقال: عرفت كل شيء، كل شيء، حتى الهدف الحقيقي.
ثم بدرجة أدنى من الانخفاض: ورغم التصميم على عدم النسيان نسيت، حقائق مذهلة ولكن ما هي؟
وألح ابنه عليه أن يستريح، ولكنه عاد يقول: حقائق هائلة مذهلة، ولكنها ضاعت جميعا.
وأغمض عينيه إعياء، ثم غمغم: كم أود أن أتذكر، ولو قليلا كي أموت مطمئنا!
الخوف
في تلك الفترة من أوائل القرن كان أهل الفرغانة أتعس الأحياء. كانت عطفتهم تقع بين حارة دعبس من ناحية وحارة الحلوجي من ناحية أخرى، وكانت الحارتان متنافستين متعاديتين، لا يهدأ بينهما نزاع، وقد عرف سكانهما بالشراسة والغلظة والعدوان، وتسليتهم الأولى كانت العبث بالقوانين والناس.
وعلى عهد جعران فتوة الحلوجي، والأعور فتوة دعبس، اشتدت بين الحارتين العداوة، وسالت الدماء، وتعدد نشوب المعارك في الطرقات والجبل.
Неизвестная страница