والخاتم بجوار المصباح، الصمت يحل فتعمى الآذان، وفي الصمت يتسلل الأصبع صاحب الدور، ويضع الخاتم، في صمت أيضا، ويطفئ المصباح، والظلام يعم، وفي الظلام تعمى العيون.
ولا يبقى صاخبا منكتا مغنيا إلا الكفيف الشاب.
فوراء صخبه وضجته تكمن رغبة، تكاد تجعله يثور على الصمت وينهال عليه تكسيرا. إنه هو الآخر يريد أن يعرف، عن يقين يعرف، كان أول الأمر يقول لنفسه إنها طبيعة المرأة التي تأبى البقاء على حال واحد؛ فهي طازجة صابحة كقطر الندى مرة، ومنهكة مستهلكة كماء البرك مرة أخرى، ناعمة كملمس ورق الورد مرة، خشنة كنبات الصبار مرة أخرى، الخاتم دائم وموجود صحيح، ولكن، وكأنما الأصبع الذي يطبق عليه كل مرة أصبع، إنه يكاد يعرف، وهن بالتأكيد كلهن يعرفن، فلماذا لا يتكلم الصمت، لماذا لا ينطق؟
ولكن السؤال يباغته ذات عشاء، ماذا لو نطق الصمت؟ ماذا لو تكلم؟
مجرد التساؤل أوقف اللقمة في حلقه.
ومن لحظتها لاذ بالصمت تماما وأبى أن يغادره.
بل هو الذي أصبح خائفا أن يحدث المكروه مرة، ويخدش الصمت، ربما كلمة واحدة تفلت فينهار لها بناء الصمت كله، والويل له لو انهار بناء الصمت .
الصمت المختلف الغريب الذي أصبح يلوذ به الكل.
الصمت الإرادي هذه المرة، لا الفقر، لا القبح، لا الصبر، ولا اليأس سببه .
إنما هو أعمق أنواع الصمت، فهو الصمت المتفق عليه، أقوى أنواع الاتفاق، ذلك الذي يتم بلا أي اتفاق. •••
Неизвестная страница