Между приливами и отливами: страницы о языке, литературе, искусстве и цивилизации
بين الجزر والمد: صفحات في اللغة والآداب والفن والحضارة
Жанры
ويتلخص الأمر عندنا في نزعتين عامتين: «تنصر إحداهما الأدب القديم وتنكر الجديد، والأخرى تقبل من الأدب القديم والروح القديم ما هي في حاجة إليه وتعدو مع الحركة الحديثة. ويقول الأستاذ سلامة موسى ما مفاده أن الفرق بين الجماعتين غير واضح كل الوضوح، وإنما يمكن تلخيصه في أن أنصار القديم يقصرون درسهم على الأدب العربي والحضارة العربية، ولا يرغبون في الخروج عن حضارة قديمة جليلة أدت رسالتها إلى العالم إلا أنها لا تقوم بمطالب العصر. بينا أنصار الجديد في تطور مستمر يدرسون العلوم الحديثة والنظريات العمرانية والدينية وفروع الأدب الأجنبية التي لم يعرفها العرب؛ لذلك يعمد هؤلاء إلى الاختزال والسهولة ليتسع المجال لكل ما لديهم من القول.» وأنا أرى ضرورة وجود أنصار القديم قرب الآخرين؛ لأن عندنا جمهورا لا يقوده غيرهم، ولأنهم حراس إرث الماضي.
وبين أفراد من هذين الفريقين مشاحنات كالتي قامت وتقوم في أوروبا بين مختلف النزعات الأدبية، وهي بين كتابنا تلذ لي جدا. وإنك قد تجد عند شاعر واحد من شعرائنا أثر المذاهب الشعرية الثلاثة دون أن يتغلب أحدها؛ لذلك وإن كانت النزعة الشعرية ظاهرة أحيانا عند بعض أفراد الشعراء، فلا يتيسر تعريفها في المجموع باسم مطلق.
السؤال الثامن:
أتعتقد أن هناك نهضة للغة العربية، وإن كان نهضة فصف مع التفصيل مميزات هذه النهضة؟ وإن لم تكن هناك نهضة فما هي أسباب الجمود؟
الجواب:
أعتقد أن اللغة العربية الآن في بدء نهضة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الناطقين بها، ومن أهم دلائل هذه النهضة سيرها الحثيث، وهي تتناول شتيت المسائل بلغة جلية تطرح التطويل والتعقيد يوما فيوما، دون أن تفقد شيئا من متانتها وروحها. جملة الكتاب في هذا العصر أوضح وأصدق منها في أي عصر سبق، رغم كونهم لا يتلاقون دواما على ألفاظ التعبير؛ لأن ليس لنا مجمع لغوي يعنى بتقرير ألفاظ نتواطأ جميعا على استعمالها. أما المجمع العلمي بدمشق والمجمع اللغوي المصري فهما يعملان، إلا أنهما لم يقرا بعد شيئا من هذا القبيل. ويعالج كتابنا معاني وشئونا لم يسبق إليها تاريخ اللغة؛ فهي جديدة في وراثتنا كما هي جديدة في وراثة العالم. وإجادتهم ناطقة بأهمية هذه النهضة، هذا في الأفراد. أما الجماعات ففي جمود، ولا يرجى لها أن تستيقظ بمجموعها إلا شيئا فشيئا بمختلف البواعث التي يأتي بها الزمن.
أفتح «البلاغ» وأنا أكتب هذا على مقال من الأستاذ عباس العقاد، موضوعه «القديم والجديد» الذي يتخاصمون لأجله في هذه الأيام، وقد كتبه ردا على استفتاء أديب عراقي في الموضوع؛ فأجد في هذا المقال ملاحظات أساسية عن اللغة والتعبير تعزز ما ذكرته عند مناقشة «الإجبشن ميل». والأستاذ يعتقد كذلك أننا الآن في نهضة فريدة فيقول بالحرف: «إننا في عصر لم تسعد اللغة العربية بعصر أسعد منه في دولة من دولها الغابرة»، «عصرنا هذا هو أقدم العصور وأحقها بالتوقير والتبجيل؛ لأنه وعى من الأزمنة التي درجت قباله ما لم تعه الأزمنة الماضية، وبلغت أممه من تجارب الحياة ما لم تبلغه الأمم الخالية.»
وأزيد أن مصر الآن هي عاصمة اللغة العربية كما هي عاصمة العالم العربي المعنوية.
السؤال التاسع:
ما رأيك في شعراء العرب المحدثين من غير المصريين؟ أبينهم وبين شعراء مصر صلة قوية أو ضعيفة؟
Неизвестная страница