Между африканским львом и итальянским тигром: аналитическое, историческое, психологическое и социальное исследование итальянской проблемы в Эфиопии
بين الأسد الأفريقي والنمر الإيطالي: بحث تحليلي تاريخي ونفساني واجتماعي في المشكلة الحبشية الإيطالية
Жанры
وقد فطنت إيطاليا أو «الدوتشي» إلى مرامي هذه الخطبة البعيدة الغور؛ فتساءلت: هل إنجلترا مستعدة لإعادة توزيع الانتدابات استعدادها لتوزيع المواد الخام؟ وهذا المصدر نفسه يدهش؛ لأن سير هور تجاهل مسألة زيادة السكان في إيطاليا. وغاب عن هذا المصدر أن مسألة توزيع الخامات تجب مسألة زيادة النسل، والغرض يغمض ويصم
16 ...
ومما يدلنا على أن سير هور كان أقرب إلى العدل، أن الرأي البريطاني انقسم في شأنه، ونقده المتطرفون، ولكن الطبقات الوسطى أعجبت به.
أما فيما يتعلق بالنزاع الجوهري، فإن الساسة في العصبة أخذوا يملون طريقة تأليف اللجان، ويحاولون حل المسألة على يد مجلس العصبة مباشرة (البندان 4 و15). وقد ضغط سير هور على موسيو لافال حتى حدد موقفه تحديدا جليا، وانضم إلى العصبة وهو على أحر من الجمر؛ لأنه لا يريد أن «يخون» إيطاليا. ولم تنس له إيطاليا هذا الجميل، بل قالت: إنه بذل أقصى الجهد، ولكنه خضع للتأثير المباشر. وكان مسلك «الدوتشي» في هذا كله أنه يزدري الأساليب السياسية، ويزدري القرارات الدولية، ويريد أن يصل إلى غايته بكل الوسائل.
لم يكن سير هور أفلاطونيا في خطبته، بل عندما كان صوته يهز أعواد المنابر في جنيف، كانت البوارج والمدمرات وحاملات الطائرات والطرادات والغواصات البريطانية تجوب البحر الأبيض، وتدنو من موانيه، وتعد الدفاع عن الثغور والجزائر والشواطئ.
وفي تلك الفترة خشي «الدوتشي» من هجوم ألمانيا على النمسا أثناء حرب الحبشة، فتقرب إلى برلين ليعقد محالفة «عدم تعد»، فكان ذلك سببا في نفور الرأي الفرنسي منه، وهذا الذي حول «دفة» موسيو لافال بالعصبة.
ومن لطائف الموقف خطاب موسيو هاواريات، مندوب الحبشة، فقد دق على نغمة إنجيلية وقال: «نحن شعب مسيحي نطلب السلام والمحبة مع كل الشعوب حتى الدول المخاصمة لنا،
17
ونحن نؤمن بالبشرية ... وأن عصبة الأمم وضعت حدا للفتوحات. ويجب الوفاء لمبادئ الدين المسيحي ... نحن لم نخلق النخاسة، ولكن ورثناها عن أجدادنا، والعبيد أسعد من عمال المصانع، ولكن ندرك أن الحرية أفضل من السعادة.»
وفي نظرنا، ومع عطفنا على الحبشة، أن هذا الخطاب يعد غلطة سياسية. وإننا نفهم الدافع لمندوب الحبشة على هذا الخطاب ونرثى له، فإنه إنما استنفر الشعور المسيحي، واستصرخ الغرب، واستنجد بأمم الحضارة لأنه يئس من الارتكان إلى القوة المسلحة أو كاد، ولأنه ظن أن حظيرة عصبة الأمم أصغى أذنا، وألين جانبا، وأرق قلبا من وزارات الخارجية، وسفارات دول أوروبا، ولو أن بجواره في العصبة دولة كمصر، جارة أفريقية، وصديقة شرقية؛ لكانت له لهجة أخرى في الخطاب، وأسلوب آخر في الجدل.
Неизвестная страница