قال: ولأن حسن الفعل وقبحه شرعا أمر زائد عليه؛ لأن المفهوم منه زائد على المفهوم من نفس الفعل وهما وجوديان لا عدميان؛ لأن نقيضهما يحتمل على العدم فهو عدمي فهما إذا وجوديان، فلو صح دليلكم المذكور لزم أن لا يوصف بالحسن والقبح شرعا، ولا خلاص عن هذا إلا بالتزام كون الحسن والقبح الشرعيين عدميين ولا سبيل إليه؛ لأن الثواب والعقاب والمدح والذم مرتب عليهما ترتب المؤثر على مؤثره، والمقتضي على مقتضيه، وما كان كذلك لم يكن عدما محضا إذ العدم المحض لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب ولا مدح ولاذم، وأيضا فإنه لا معنى لكون الفعل حسنا أو قبيحا شرعا إلا أن يشتمل على صفة لأجلها كان حسنا محبوبا للرب مرضيا له متعلقا للمدح والثواب، وكون القبح مشتملا على صفة لأجلها كان قبيحا مبغوضا للرب متعلقا للذم والعقاب، وهذه أمور وجودية ثابتة له في نفسه ومحبة الرب له وأمره به كشاءه أمرا وجوديا زاده حسنا إلى حسنه، ومبغضة له ونهيه عنه كساه أمرا وجوديا زاده إلى قبحه فجعل ذلك كله عدما محضا ضروريا صرفا لا يرجع إلى أمر ثبوتي في غاية البطلان والإحالة. انتهى كلامه.
وقد مر أنهم لا يجعلون الحسن والقبح الشرعي بعد ورود الشرع أمرا وجوديا كما مر نقله عن الجويني .
Страница 76