قال في شرح الصحائف: والحق أن الله تعالى قادر حكيم غني ولا بد من الفعل أو الترك، والفعل والترك بالنسبة إليه واحد في المقدور لأنه لا يباشر كما نباشر أفعالنا، بل يكفي في حدوث الحوادث قوله كن فحينئذ يختار أولى الطرفين وأحسنهما وما لا يكون قبيحا إذ ترك الأولى بلا ضرورة ولا حاجة عن مثل هذا القادر نقص ومحال بالضرورة، وتلك الأولوية لا تكون بالنسبة إليه تعالى لتنزهه، بل في نفس الأمر أو بالنسبة إلى العباد، والفعل على هذا الوجه غاية الكمال، وخلافه عين النقص والعبث، وأيضا لا خلاف أن بعثة الأنبياء لاهتداء الخلق وإظهار المعجز لتصديق الأنبياء فمن أنكر التعليل أنكر النبوة، وكل دليل يأتي به يكونه قادحا في النبوة.
فإن قلت جائز أن يكون إنكارهم في غير هاتين الصورتين.
قلت: دلائلهم قادحة في التعليل مطلقا فتكون دعواهم كلية، وأيضا لو كان كذلك لكان دلائلهم منقوضة بهاتين الصورتين، والدلائل العقلية لا تقبل التخصيص.
Страница 51