فصل ومن ذلك إخبار الله تعالى عن حكمته وتمدحه بها مما لا يحصى إلا بكلفة وتطويل، وذلك في وصفه سبحانه لنفسه ووصف كتبه، ووصف رسله كقوله: {العزيز الحكيم} في وصف نفسه في غير موضع، وكقوله في وصف الكتاب:{وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم}وكقوله في وصف نبينا صلى الله عليه وآله وسلم: {ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} وقال: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة} فإن لم تكن الحكمة حكمة من قبل تعليمها فكل قادر على الكلام يصح منه أن يعلم ما يقول ولا يعقل الفرق بين المتنبئ والرسول، وكذلك قوله تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب} وقوله في وصف داود عليه السلام:{ وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب}.
واعلم أن هذا الفصل فيه فصل الخطاب ولو اكتفى به في تحقيق المسألة وتحقيق الخلاف فيها لكان هو الصواب فإن المخالف قد قال: لا ينكر اشتهار القضايا الحسنة والقبيحة من الخلق، وكونها محمودة مشكورة يثنى على فاعلها أو يذم، ولكن مستندها إما التدين بالشرائع، وإما الأغراض، ونحن إنما ننكرها في حق الله تعالى لانتفاء الأغراض عنه.
Страница 50