هذه هي النقاط الأربع التي يلخص فيها برنارد شو فهمه للمسيحية كما دعا إليها المسيح، وهي أبعد ما تكون عن فهم المجتمع أو الكنيسة لها.
ولكن هل معنى ما ذكرنا أن برنارد شو كان مسيحيا؟
الجواب أنه كان مسيحيا من حيث فهمه للأخلاق كما دعا إليها المسيح، ولكنه من حيث الغيبيات المسيحية كان كافرا منكرا. وهو يرد هذه الغيبيات إلى أقاصيص وعقائد الأمم القديمة.
ويجحد برنارد شو في المسيحية التبرير للاعتراف بحق كل إنسان في دخل من الدولة يكفل به بقاءه هو وعائلته، وبكلمة أخرى يجد في المسيحية دعوة إلى الاشتراكية. وكل من يقرأ الإنجيل، في تأمل، ويتعمق المبادئ المسيحية، يضطر إلى التسليم بصحة هذا الاستنتاج.
وهو يعلل امتناع المسيح عن الزواج بأنه كان صاحب رسالة يريد التفرغ لها وأن يبقى حرا من الاشتباكات العائلية، ولكنه مع ذلك، أي المسيح، لم يدع إلى إيثار العزوبة على الزواج كما فعل بولس.
ويشرح برنارد شو لنا هذا الموقف، أي موقف العزوبة، فيقول إن كل من يحمل رسالة للبشر، أو يكافح للوطن، أو يمارس الأدب الحر، أو الفلسفة الحرة، أو الذي يدعو إلى مذهب، كل هؤلاء يجدون أنفسهم مضطرين إلى إيثار العزوبة على الزواج؛ ذلك لأن رب العائلة الذي يرتبط بالزوجة والأبناء يضطر في أزمات ضميره إلى المساومة عليه حتى لا تجوع عائلته، وهنا تفسد رسالته. أما إذا كان أعزب حرا فإنه لا يبالي ما ينزل به من حرمان أو عذاب.
وهذا مصداق الحديث المشهور: «الولد مجبنة ومبخلة لأبيه».
وليس هذا الموقف بالطبع، موقف إيثار العزوبة على الزواج، لجميع الناس، وإنما هو للخاصة والقادة وأصحاب الرسالات فقط، أما سائر الأفراد فيتزوجون بلا حاجة إلى نصيحة. •••
والآن، بعد هذا الذي ذكرنا عن الدين كما يعتقد برنارد شو، لنا أن نسأل ما هو برنامجه العملي الذي يستنبطه من الدين؟
هو بلا شك الاشتراكية التي عاش لها وسعى لتحقيقها طيلة حياته، كما قد وجدنا في نشاطه في الجمعية الفابية، وهذا أيضا هو موقف ه. ج. ويلز.
Неизвестная страница