وحياتهم وحياتهم قسما وفي
عمري بغير حياتهم لم أحلف
لو أن روحي في يدي ووهبتها
لمبشري بشفائهم لم أسرف
وكانت المركيزة قد أخذت في العود إلى الحياة أيضا، ففتحت عينيها، ووالدتها جاثية بين يديها ترقب حركاتها وسكناتها، فكان هذا المنظر مما تلين له القلوب، أما الكونتة فإنها لم تخرج عن طورها المألوف، ولم تتنازل عن شيء من وقارها المعروف، بل جلست على تكأة في الغرفة، وجعلت تراقب الكل متداركة ما تذهل عنه «ماري» ومدام «درميلي» بما فيهما من القلق، وقد ظهرت لها النتيجة بتمامها، فكانت تبتسم للأمر في سرها، ثم قالت ل «ماري»: احمدي الله أيتها العزيزة واجب حمده، فقد رد إليك «ڤكتور» مرتين، وليطمئن قلبك، فقد صرت في مأمن من المناظرة والشريكة. - أتقولين جدا؟! - لا ريب عندي فيما أقول، فإن رجلا من مثل زوجك يصبر على كل شيء إلا السخرية، وهذه الحالة غير خالية من أسبابها كما ترين.
ثم استعطت - أي جعلت في أنفها سعوطا - واستولت على المقعد مرتفعة الرأس.
وأخذ «ڤكتور» في الرجوع إلى حالة الرشد قبل المركيزة، فلما أمكنه الكلام قال: أين أنا؟ ماري ، يا عجبا! اللهم لك الحمد؛ فقد رأيتها مرة أخرى. - تمهل شقيق الروح، فعما قليل نتحدث واهدأ الآن، فأنت محتاج إلى الراحة المطلقة. - صدقيني، حبيبتي، العفو، المغفرة.
فألقت يدها على شفتيه بلطف ليسكت فلا يزعجه الكلام وهي راقصة القلب فرحا، لا تدري كيف تعلن سرورها وسعادتها، وهو يجيل نظره في المكان الذي هو فيه، ثم قال بصوت منخفض: أحب أن أسير من هذا المكان.
فأجابه الطبيب: عما قليل يتيسر لكما ذلك يا سيدي، أما الآن فإن كنت تبغي الحياة فلا بد لك من التزام السكوت التام. - أتريدين يا «ماري» أن أحيا؟ - جعلت فداك، إني لا أحتمل فقدك، ولا أعيش بعدك. - إذن سأصمت أيها الطبيب.
أما «أليس» فلما عادوتها الحياة وعادت إلى حالة الرشد، ضجت بإظهار الفرح العظيم، وترامت على أمها تعانقها وتمرح ما شاءت الخفة، فنهاها الطبيب ومن حولها عن الحركة والكلام، وقالوا: إن لم تصمت وتلتزم السكون فلا سبيل لها إلى الشفاء. - إن كان لا بد من ذلك في حصول الشفاء فإني ممتثلة ما تأمرون.
Неизвестная страница