واتفق في هذا الوقت أن عابدين بيك أولم وليمة في ليلة الجمعة 28 شعبان | سنة 1230 احتفالا بقدوم العزيز محمد علي باشا من بلاد الحجاز سالما فاجتمع | بداره جماعة من أكابر الجند ، فيهم حجو بيك وعبد الله أغا صارى جله وحسن | أغا الأرزنجلي ، فتكلموا في هذا الشأن واتفقوا على الهجوم عليه في داره | بالأزبكية عند طلوع الفجر ولما استشعر عابدين بيك بما يقصدونه من الخيانة | بالوالي خرج خفية من داره مسرعا إلى الباشا ليخبره بما اتفق عليه أعداؤه ثم | عاد إلى أصحابه بدون أن يعلم أحد بخروجه وهنالك ركب الباشا حالا وتوجه | | إلى القلعة مستصحبا معه عساكر طاهر باشا وغيرهم ممن يثق بهم وترك عددا | عظيما من الجند يحرسون منزله بالأزبكية ، ولما علم المتآمرون أن الباشا وقف | على حقيقة حالهم وجلية أمرهم ، لم ينثنوا عن مقصدهم ، بل قصدوا منزله | بالأزبكية لنهبه فمنعهم من كان به من الجند وتراموا بالرصاص ولم يتمكنوا من | شيء ثم ساروا إلى القلعة واجتمعوا بالرميلة ولما لم يجدوا للهجوم عليها سبيلا | لتسلط أفواه المدافع عليهم انتشروا في البلد للسلب والنهب لينضم إليهم من | خالفهم في الرأي ، وتقوى شوكتهم بذلك فيعودوا إلى القلعة بقوة عظيمة فنهبوا | الغورية والسكرية والحمزاوي إلا خان الخليلي فإنه لم يردهم عن نهبه إلا قوة | بنادق من به من ترك وأرنؤد وكذلك دافع المغاربة عن الفحامين والشوايين | والكعكيين واستمر النهب ساعات وكان ذلك في يوم جمعة ولم تصل فيه لشدة | ما كان .
وفي وقت المساء استدعى الباشا السيد محمد المحروقي وأمر بتحرير قوائم | مشتملة على ما نهب من التجار ليدفعه لهم فحررت القوائم وظهر أن ما خص | الغورية مائة وثمانون كيسا والسكرية سبعون والحمزاوي ثلاثة آلاف فصرفها | الباشا لأربابها بعد تنزيل شيء يسير وبعد أداء اليمين الشرعية على ما سلب منهم | فبذلك أطمأن الناس واستبشروا بانتشار العدل وانقضاء أيام الظلم ، ثم أخذ | الباشا يستميل قلوب الجند ويوزع النقود والعلائف عليهم ، وترك مشروع | تدريبهم على النظام الأوربي ، حيث أدى إلى ما حصل ، منتظرا فرصة أخرى | وبعد انقضاء عيد الفطر نزل الباشا من القلعة وهدأ خاطر الأهالي وأراح بالهم | وشرح صدورهم ، وزار يوسف باشا المعزول من ولاية دمشق واجتمع مع | العلماء والأعيان ووعدهم بأن يريح العباد من عود الجند إلى مثل ذلك . |
رجوع طوسون باشا إلى مصر :
Страница 69