ولما خلص من شرهم بقتلهم أخذ في تجهيز التجريدة بكل جد واجتهاد | فجمع ستة آلاف من البيادة وألفين من السواري ومثلهما من الطوبجية وجعل | قيادة هؤلاء لنجله طوسون باشا كما مر وفي شهر شعبان سنة 1266 نزلت | | البيادة في المراكب وسافرت قاصدة فرضة ينبع ، وأما السواري سافرت عن | طريق البر تحت قيادة طوسون باشا ، فلما وصلت الدونانمة المصرية إلى ينبع | قابلها السكان بغاية الفرح وأما قائدهم الأعظم فقد وصل لهم بعد قليل مع من | كان بصحبته من السواري ولما كان طوسون باشا شابا ذا جسارة وجرأة اعتمد | على بأس عسكره وحسن أسلحتهم بالنسبة لأتباع الوهابي وأجناده ولم يستعمل | مع قبائل العرب ما يجذب قلوبهم إليه ، بل ابتدا بالسير نحو المدينة المنورة فتجمع | الوهابيون ووقفوا له بالقرب من مدينة بدر الشهيرة بانتصار سيدنا محمد [ & ] | على كفار قريش فهجموا على المصريين بشدة وعادوا بالغلبة إلا | أنهم تقهقروا بغاية النظام واحتموا في متاريس أقاموها هناك لكن لم يثن ذلك | طوسون باشا عن عزمه بل أمر حالا بالهجوم فتقدمت البيادة بقوة على | تلك الخطوط حتى إنهم أخذوا الخط الأول من هذه المتاريس ثم تقدمت نحو | الخط الثاني الذي كان آخذا من المتانة مكانا عظيما ودافعت عنه الوهابيون بغاية | القوة والشجاعة حتى اضطر المصريون إلى القهقرى ، ثم وقع الخوف في صفوف | المصريين وفروا من أمام العدو عائدين إلى فرضة ينبع بصفة غير منتظمة وهلك | منهم خلق عظيم من شدة الجوع والعطش وجهلهم بالطريق ولولا قلة عدد | الوهابيين الذين لم يتمكنوا من اتباع أثر المصريين لما نجا منهم أحد .
Страница 56