ذكر الجاحظ البديع في "البيان والتبيين" قال: "والراعي كثير البديع في شعره، وبشار حسن البديع، والعتابي يذهب شعره في البديع".
وقال: "والبديع مقصور على العرب ومن أجله فاقت لغتهم على كل لغة وأربت على كل لسان".
وقد ساق ذلك عرضًا حين ذكر بيت الأشهب بن رميلة:
هم ساعد الدهر الذي يتقى به ... وما خير كف لا تنوء بساعد
قال الجاحظ: قوله: "هم ساعد الدهر" إنما هو مثل، وهذا الذي تسميه الرواة البديع١.
وذكر الجاحظ العتابي ثم قال: "وعلى ألفاظه وحذوه ومثاله في البديع يقول جميع مَن يتكلف ذلك من شعراء المولدين؛ كالنمري ومسلم وأشباهما، وكان العتابي يحتذي حذو بشار في البديع، ولم يكن في المولدين أصوب من بشار وابن هرمة "البيان ج١ ص٥٤، ٥٥".
فلقب "البديع" كان معروفًا -كما قلت- قبل ابن المعتز٢. أما ألقاب ألوانه وفنونه فبعضها كان معروفًا قبله كالتشبيه، فقد ذكر الجاحظ له شواهد في بيانه "ج٢ ص٢٢٩"، وتكلم عنه ثعلب في قواعد الشعر "ص١٤-١٨ طبع ليدن"، وعقد المبرد "م سنة ٢٨٥هـ" في كامله بابًا واسعًا لدراسة التشبيه وتحليل كثير من أبلغ شواهده الأدبية "راجع ٣٥-١٠١/ ٢ الكامل، طبعة ١٣٥٥هـ بالقاهرة"، وما كتبه المبرد وثعلب عن التشبيه كان أساسًا لابن المعتز وسواه، وكالاستعارة ذكرها الجاحظ وعرفها بأنها "تسمية الشيء باسم غيره إذا قام مقامه" "بيان ج١ ص١١٦"، وعرفها ثعلب في قواعد الشعر بأنها أن يستعار للشيء اسم غيره أو معنى سواه "ص٢١"، وكالتقسيم والتفصيل "بيان
_________
١ البيان والتبيين ٢٤٢/ ٣.
٢ ويقول ابن المعتز في كتابه: البديع اسم موضوع لفنون من الشعر يذكرها الشعراء ونقاد المتأدبين منهم. فأما العلماء باللغة والشعر القديم فلا يعرفون هذا الاسم ولا يدرون ما هو وما جمع فنون البديع ولا سبقني إليه أحد "ص١٠٦".
1 / 60