45

Asbir wa Ihtasib

اصبر واحتسب

Издатель

دار القاسم

Жанры

يقول: الحمد لله حمدًا يوافي محامد خلقك بما أنعمت عليّ وفضلتني على كثير ممن خلقت تفضيلا، فقلت: لأنظرن شيء يملكه أم ألهمه الله إلهامًا؟ فقلت: على أي نعمة من نعمه تحمده أم على أي فضيلة تشكره، فوالله ما أرى شيئًا من البلاء إلا هو بك، فقال: ألا ترى ما قد صنع بي؟ فوالله لو أرسل السماء عليَّ نارًا فأحرقتني، وأمر الجبال فدكتني وأمر البحار فأغرقتني، ما ازددت له إلا حمدًا وشكرًا، وإن لي إليك حاجة: بنيَّة كانت تخدمني وتتعاهدني عند إفطاري انظر هل تحس بها؟ فقلت: والله إني لأرجو أن يكون لي في قضاء حاجة هذا العبد الصالح قربةً إلى الله ﷿ فخرجت أطلبها بين تلك الرمال فإذا السبع قد أكلها فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون من أين آتي هذا العبد الصالح فأخبره بموت ابنته؟ فأتيته فقلت له: أنت أعظم عند الله منزلة أم أيوب ﵇؟ ابتلاه الله في ماله وولده وأهله وبدنه حتى صار عرضًا للناس، فقال: لا، بل أيوب، قلت: فإن ابنتك التي أمرتني أن أطلبها أصبتها وإذا السبع قد أكلها. فقال: الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا وفي قلبي منها شيء فشهق شهقة فمات (١). اعلم أخي أن من حسن التوفيق وأمارات السعادة الصبر على الملمات والرفو عند النوازل (٢).

(١) صفة الصفوة ٤/ ٣٣٤. (٢) أدب الدنيا والدين ٢٧٦.

1 / 47