وأزعم أن العلم والحس ينقسمان على الأشياء: فما كان منها فى حد قوة أنفسهم لما ضاهاه من الأشياء فى حد القوة، وما كان فى حد الفعل كانت قسمته لذوى الأفعال. — وقوة النفس الحاسة والعلامة هما شىء واحد إذا حملا على المعلوم والمحسوس. ولا بد من: إما كانت تدرك الأشياء بأعيانها، وإما بصورها. وليس يمكن أن تكون الأشياء بأعيانها والعالم بها شيئا واحدا، لأن الصخرة لا تكون فى النفس، وتكون صورتها من أجل ذلك كلية. فالنفس بمنزلة اليد: فان اليد الآلة، والعقل صورة الصور، والحس صورة الأشياء المحسوسة. فلما لم يكن شىء غير الأجسام أو ما فارق الأجسام، كالذى نرى من حال الصور المحسوسة — وجب أن يكون المعقول: إما واحدا من الأشياء المقولة بالتعرى من الهيولى، أو ما كان من غير أمر المحسوسة والآفات المعترية لها. من أجل ذلك لا يستطيع العقل أن يفهم شيئا أو أن يستفيد علما إذا لم يحس. فمتى ما تفكر كان مضطرا مع فكرته إلى التوهم. وذلك أن التوهم طائفة من المحسوس، إلا أنه بغيره أولى. والتوهم غير الاثبات وغير النفى، لأن الحق والباطل إنما يكونان بتركيب المعانى. فأما المعانى الأول فلا فرق فى أن تكون ضربا من التوهم، أو ما تخيل عن التوهم؛ وإن لم تكن تلك المعانى تخيلا من التوهم، فانها لا تكون بغيره.
[chapter 26: III 9] 〈القوة المحركة〉
فالنفس محدودة بقوتين: إحداهما فاصلة 〈فى〉 الأشياء قاضية عليها، وهى فعل الفكر والحس؛ والأخرى حركة الانتقال عن الأماكن. فهذا تفصيل الحس والعقل؛ فلننظر ما المحرك: أجزء واحد من أجزاء النفس يحرك هذه الحركة وهو جزء مفارق، ومفارقته مفارقة معنى أو مفارقة جسم؟ أم النفس محركة كلها؟ وإن كان المحرك جزءا من أجزائها: أخاص هو من غير الأجزاء التى من مرادنا أن نقول بها، وهى غير التى ذكرنا؟ أو إنما هو جزء منها؟
Страница 79