وقد استبان مما قيل أن التوهم ليس بحس. وذلك أن الحس: إما كان فى حد قوة، وإما فى حد فعل، كقولنا: بصير، والإدراك بالبصر؛ ومن الظاهر أن التوهم ليس بأحد هذين: 〈على نحو〉 ما يكون منا فى النوم. — وأيضا الحس أبدا غير مفقود، وليس التوهم كذلك. ولو كان التوهم أبدا موجودا بالفعل لكان فى الإمكان وجوده فى جميع الدواب ولسنا نراه موجودا فى جميعها مثل النمل والزنبور والديدان فانه ليس لها توهم. — ومن ذلك أيضا أن الحواس أبدا صادقة وأن أكثر التوهم كذب. — ولسنا نقول إذا استقصينا حال الشىء المحسوس إنه فى ظاهر أمره إنسان؛ وإنما نقول هذا القول فنكون إذا كاذبين فى توهمنا، وإما صادقين إذا لم يكن إدراكنا إدراك استقصاء، كالذى قلنا أولا إنه يظهر لنا تخييل عند إغماضنا الأعين.
Страница 70