فلنقل أولا عن كل حس بحياله، وعما تدرك الحواس. والمحسوس المدرك بالحواس مقول على ثلاثة أوجه: اثنان منها تدرك بالذات، والآخر يدرك بالعرض. — وأحد الاثنين خاص بكل حس، والآخر شائع بين جميعها. وأزعم أن الخاصى هو الذى لا يمكن حسا من الحواس إدراكه غير الحس المختص به، ولا يمكن أن يغلط فيه: كقولك: البصر يدرك اللون، والسمع يدرك الخفق والقرع، والمذاق يدرك الكيموس. واللمس فصول عدة يقضى على جميعها، فلا يغلط؛ وليس يدرك اللمس القرع واللون، وليس يدرك ما المتلون وأين هو، وما القارع والمقروع وأين هو. فهذه ومثلها خواص كل حس. — وأما الشائعة لجميعها فهى الحركة، والسكون، والعدد، والشكل، والعظم؛ وليس يختص شىء من هذه بحس من الحواس، وذلك أنا نجد اللمس والنظر حركة محسوسة. — والمحسوس قد يكون محسوسا بالعرض كقولك إن الأبيض ابن فلان . فادراك المدرك إياه من هذه الجهة إنما هو يعرض من أجل أن الذى طلب إدراكه عرض فى الأبيض وبالأبيض أدركه. ولذلك لا يزعم أن الحاس يتألم من هذه الجهة بالمحسوس. — فأما المحسوسة بذاتها فلها أشياء خاصة مدركة بغير عرض، وذلك بقدر جوهر كل حس من الحواس.
[chapter 12: II 7] 〈البصر والمبصرات〉
فما اختص من الأشياء بالبصر فذلك منظور إليه. والمبصر لون، أو ما لا شبيه له فى القول: وسيستبين ما نقول إذا تقدمنا إلى ما بين أيدينا. لأن المنظور إليه لون، واللون من الأشياء التى ترى بذاتها. والذات فى هذا الموضع ليس بعلة، بل العلة فيه التى صيرته منظورا إليه. وكل لون فهو محرك صفاء الوجود بالفعل، وكذلك طباعه. من أجل ذلك ليس هو بمبصر بغير ضوء ألبتة كل لون، إنما هو مبصر فى الضوء. لذلك فلنقل أولا ما الضوء.
Страница 45