وأما الآن فانما نقول بقدر ما يثبت أن النفس أولية لجميع ما ذكرنا، وأنها محدودة بالقوة والحس والتفكر والحركة. ولكن لننظر: هل لكل واحد من هذه التى ذكرنا نفس على حيالها، أو إنما هو جزء نفس؟ وإن كان جزءا: أمفارق هو بالوهم، أو مفارق بالمكان؟ فالقول فى بعض هذة ليس بعسر، وفى بعضها فيه صعوبة وغموض. وكما أن بعض النامية قد نراها أيضا بعد أن تتصل ويفارق بعضها بعضا (من أجل أن النفس التى فى أجزائها نفس واحدة، بمعنى الانطلاشيا التى هى تمام لجميعها، وهى أيضا بمعنى القوة أنفس كثيرة)، فكذلك نراه يعرض فى الفصل الآخر من فصول أنفس الحيوان الذى يسمى أنطوما، فان هذا الضرب من الحيوان إذا قطع فصار أقساما رأينا لكل جزء من أجزائه حسا وحركة انفعال؛ وإذا كان له حس ففيه توهم وشهوة، لأنه حيثما كان الحس فهناك 〈ألم و〉لذة، وإذن وحيثما كان هذان فهناك بالاضطرار شهوة. — فأما العقل والقوة والتفكر فلم يستبن عنهما شىء بعد. ولكن فى الامكان يشبه أن تكون هذه النفس جنسا آخر، كما أن جنس الأزلى جنس غير جنس الفاسد، وإنه يمكن أن تكون هذه النفس من بين الأشياء مفارقة الأجرام. — وقد استبان من هذه التى ذكرنا أن سائر أجزاء النفس ليست بمفارقة كما قال أقوام؛ وأما أن يكون كل جزء منها غير الآخر بمعنى من المعانى فذلك بين. وذلك أن بعضها حساس، وبعضها مرو، والفرق بين هذين بين، وكذلك سائر ما قيل منها: الواحد غير الآخر. — ينبغى أن نعلم أنا قد نجد جميعها فى بعض الحيوان، ونجد الواحد منها فى طائفة من الحيوان (وهذا الذى يجعل الفصل بين الحيوان). وسننظر أخيرا لأية علة كان هذا هكذا. وقد يعرض أيضا فى الحواس شىء مقارب هذا، لأنه قد تكون جميع الحواس فى بعض الحيوان، ويكون فى بعضها أكثرها، وفى طائفة لا يكون منها شىء، ما خلا حس اللمس، الذى يكون الحيوان إليه مضطرا.
Страница 33