ففى الجملة قد قيل ما النفس وأنها الجوهر على ما فى الحد، والحد هو الدليل على ما هو الشىء فى آنيته، فانه فى جرم صفته كذا وكذا؛ كالذى يرى من الآلة، فانه ليس من الآلة شىء إلا وهو جرم طبيعى، كمثل المعول فان المعول من جهة هيولاه له آنية، وكذلك النفس. فمتى فارق المعول جوهره وطينته لم يكن معولا إلا بالاسم المشترك، وهو الساعة معول. فصفة الجرم بكذا وكذا ليست بدليلة على ما هو فى آنيته من الحد والنفس، ولكن ذلك صفة شىء طبيعى له فى نفسه حال من الأحوال فى الحركة والوقوف.
وينبغى أن ننظر كيف يكون هذا فى الأجزاء، لأن العين التى نبصر بها لو كانت حيوانا كانت نفس الحيوان بصرا، لأن ما يجوز فى حد النفس هو دليل على جوهر العين، وإنما العين طينة البصر، متى ما بطلت هذه الطينة لم تكن عين ألبتة إلا باشتراك الاسم، مثل العين التى نقول إنها من حجر أو مصورة فى الحائط. وما قلنا فى الجزء ينبغى أن نقول به على كلية الجرم الحى: فكما أن الجزء يعادل الجزء، كذلك يعادل الحس جميع البدن المدرك بحسه.
وإذا نحن قلنا فى الشىء إنه ذو قوة ليحيا لم نعن شيئا لا نفس له، بل نعنى بهذا القول ما له نفس. والبذر والثمر هما بالقوة جرم، فانه شىء ذو قوة. وكما أن القطع من القاطع والنظر من العين، كذا اليقظة انطلاشيا؛ والنفس هى مثل البصر والقوة التى هى فى الآلة؛ فأما الجرم فانه شىء ذو قوة. وكما أن الحدقة هى العين والبصر، كذلك النفس والجرم هما الحيوان.
فقد استبان أن النفس ليست مفارقة الجرم ولا شىء من أجزائها، وذلك أن انطلاشيا بعض الحيوان إنما يكون لأجزائها، ولم يستبن بعد إن كانت النفس انطلاشيا للجرم، مثل راكب السفينة.
ولكن يجعل أن النفس على المجاز بهذه الحال بجهة التمثيل.
[chapter 7: II 2] 〈تعليل هذا الحد للنفس〉
Страница 31