وفي كل هنيهة تنطلق غدارة
5
فتوقظ القمم الغافية حول الطريق.
لم يبق في القرى إلا الحزب المقهور، تأكل قلبه الخيبة، وينتفض كلما قرع الجرس، أو غني بيت «عتابا» أو «ميجانا» يحسب كل بادرة في القرية نكاية وتحرشا به.
مرت الوفود عجالى على ساحة البرج يعرب هزجها عن الفرحة الكبيرة بفوز «النائب» الكريم، وإن كان أكثرهم لم يروا خلقته ... يتقدم كل ضيعة زعيمها الذي زرع الدنيا آمالا وأماني، حين دعا للنائب مأجورا أو موعودا ... فريق أكبر همه عزل المختار المستبد، وفريق يرى كل النصر في فض البلدية وتعيين الرئيس والأعضاء من أفراده، وجماعة يحلمون بشق الطريق، فضيعتهم من لبنان عند الجابي، وليست منه ساعة اقتسام الميزانية ... هي حبيبة قلب النائب حتى مساء يوم الاقتراع، ويغيب عنها وجهه الكريم ووجه سماسرته مع غياب شمس ذلك النهار. وجماعة ينتظرون المياه، فقد أسقمتهم مياه الآبار الموبوءة، وجميعهم موعودون «بمدارس» يتعلم بها أولادهم الهمل.
6
أما قيدومهم
7
فتوظيف «ابنه» يشغل باله ... «فالمحروس» حامل السرتفيكا، والسرتفيكا اللبنانية تخول حاملها حق فتح مدرسة ... ووجيه القرية تعب وضحى، ولولا مساعيه المشكورة لم تقم للحزب قائمة. أما كان الفرق سبعين صوتا بين المجلي والمصلي؟ إذن فأصوات ضيعتنا هي التي أمالت الكفة، ومن قال غير هذا نفقأ في عينه حصرمة ... لو ضوءوا أصابعهم العشر قدامنا ظلوا مقصرين. هكذا كان يقول في قلبه.
كل هذه المآرب تكومت حول بيت «النائب» الذي ملأ الدنيا وعودا لو تحقق واحد منها لباهى لبنان سويسرة. ضاقت ساحة البيت على الوفود التي تنصب فيها، فتصادموا بالرءوس والمناكب ليفوزوا بطلعته البهية، وحميت المجاحشة بين الوجهاء على الدنو من جنابه، وهز يده بحرارة على عيون الناس، فالعظيم من وقف حده.
Неизвестная страница