177

قيل إن جارية للوزير علي بن عيسى هويت غلاما لابن العلاف الضرير، فعلم بهما الوزير، فقتلهما، وسلخهما وحشاهما تبنا، فرثاه أستاذه ابن العلاف (ت318ه) وكنى عنه بالهر(1)، فقال:

يا هر فارقتنا ولم تعد * وكنت عندي بمنزل الولد

وكيف ننفك عن هواك وقد * كنت لنا عدة من العدد

وتخرج الفأر من مكامنها * ما بين مفتوحها إلى السدد

يلقاك في البيت منهم مدد * وأنت تلقاهم بلا مدد

حتى اعتقدت الأذى لجيرتنا * ولم تكن للأذى بمعتقد

وحمت حول الردى بظلمهم * ومن يحم حول حوضه يرد

وكان قلبي عليك مرتعدا * وأنت تنساب غير مرتعد

تدخل برج الحمام متئدا * وتبلع الفرخ غير متئد

وتطرح الريش في الطريق لهم * وتبلع اللحم بلع مزدرد

أطعمك الغي لحمها فرأى * قتلك أصحابها من الرشد

كادوك دهرا فما وقعت وكم * أفلت من كيدهم ولم تكد

فحين أخفرت وانهمكت وكا * شفت وأشرفت غير مقتصد

صادوك غيظا عليك وانتقموا * منك وزادوا ومن يصد يصد

ثم شفوا بالحديد أنفسهم * منك ولم يرعووا على أحد

ولم تزل للحمام مرتصدا * حتى سقيت الحمام بالرصد

لم يرحموا صوتك الضعيف كما * لم ترث يوما لصوتها الغرد

أذاقك الموت ربهن كما * أذقت أفراخه يدا بيد

كأن حبلا حوى بجودته * جيدك للخنق كان من مسد

كأن عيني تراك مضطربا * فيه وفي فيك رغوة الزبد

وقد طلبت الخلاص منه فلم * تقدر على حيلة ولم تجد

Страница 177