وأخذت النقود صامتا وحييته تحية هادئة، وانصرفت وأنا أقول لنفسي: «كيف يحدث هذا؟» وذهبت عائدا إلى القهوة لعلي ألقى حمادة حتى أعطيه نصيبه من الربح، وكنت من قبل عازما على أن أعطيه عشرة في المائة من الربح، فلم أرض أن أقللها عن خمسة وعشرين جنيها.
وكان فكري مشغولا طول الوقت بنقص وزن القطن، لا من أجل الجنيهات التي فقدتها، بل من أجل المعنى الذي وراء ذلك النقص. كنت واثقا من أن وزن القطن خمسون قنطارا، وقد وزنته بنفسي وهذه صناعتي. ألا يكون مصطفى عجوة هو الذي وزنها؟ أيمكن أن يكون السيد أحمد عالما بأن موازينه ظالمة؟ وتذكرت الحديث القديم الذي كان بيني وبين مصطفى وكان حنقي شديدا، ولكني مع هذا أرضيت نفسي عما أصبت من الربح، فإني لم أحلم في يوم من الأيام أن أربح مائتي جنيه في ليلة واحدة.
واستقبلني حمادة في القهوة فاتحا ذراعيه ليضمني إلى صدره قائلا: مبروك يا سيد أفندي!
وكان صوته مسموعا في آخر القهوة.
ولم يكن من العجيب أن يهنئني على الربح العظيم، فإن خمسة جنيهات في القنطار الواحد في ليلة واحدة رقم قياسي في التجارة، وقلت له: مبروك عليك أيضا!
ومددت يدي إلى جيبي لأخرج النقود، وعزمت في لحظتي على أن أعطيه كل الكسور فوق المائتين.
فصاح بي: هل بعت؟
فقلت له: ودفعت باقي الثمن.
فصاح: بكم؟
فقلت مباهيا: بخمسة عشر جنيها.
Неизвестная страница