فقلت له: ماذا تقصد؟
فنظر إلي كأنه يشتمني وارتسمت على وجهه ابتسامة خاوية، ثم رفع رأسه فجأة متطلعا إلى أقصى الممر المجاور للغرفة، وصاح ينادي عامل القهوة: أين فنجان القهوة المضبوطة يا زفت!
وصاح العامل: حالا يا عم قرني!
ووقفت ثابتا كالأبله لا أدري ماذا أصنع.
فالتفت الحاجب نحوي قائلا: أنت حر!
وتركني ليأخذ القهوة من الصبي الذي جاء مسرعا بها، فسرت أجر قدمي في الطريق كالمذهول، حتى وصلت إلى جانب الترعة، وكان مس الهواء يلطف حرارة وجهي المتقد، وما زلت أسير حتى عدت إلى بيتي متعبا بعد دورة طويلة حول المدينة.
وبعد نهار قلق وليلة مضطربة قمت في الصباح الباكر ذاهبا إلى ديوان مجلس المديرية عازما على مقابلة السيد رئيس الكتبة، لعله يكون أرفق من الأمس، ولكني ما كدت أقترب من الباب حتى استوقفني عم قرني قائلا: ممنوع يا أفندي!
ونظر إلي نظرة جامدة كأنه لم يرني من قبل.
فوقفت لحظة أنظر إليه، وكدت أقول له كلمة أسترضيه بها، وحدثت نفسي أن أعده بما يرضيه إذا قبضت المرتب، ولكنه لم يعطني فرصة للكلام بل أعاد كلمته قائلا: قلت لك ممنوع يا أفندي!
واقترب مني كأنه يريد أن يدفعني عن الباب.
Неизвестная страница