وقام ليجهز لي الطعام ثم وضعه على الدكة فوق ورقة قديمة من أوراق الصحف قائلا: تفضل بألف هنا.
وأخذت آكل بشاهية عظيمة وهو يبادلني الحديث، وأخذ يسألني عن قصدي حتى عرف أني جئت لأعمل محررا في الجريدة.
ولما عرف أني من دمنهور قال لي: تشرفنا، أحسن تجار أهل دمنهور.
فقلت مباهيا: وأنا كذلك كنت تاجرا.
ففرك يديه بعد أن فرغ من طعامه وقال: الحمد لله، رضا، اسمع يا أفندي، الأرزاق بالله فلا تحزن ولا تيئس، التجارة مثل المرأة اللعوب تضحك مرة وتغضب عشرين، هل خسرت كثيرا؟
فقلت: لم أخسر بل ربحت.
فقال في دهشة: ومع ذلك تترك التجارة؟ وماذا تريد من هذه الجريدة؟ تكتب فيها؟ ما هذه الخيبة! اسمع يا سيدنا الأفندي، إذا كنت لم تخسر في التجارة فارجع إليها حتى تخسر، اسمع نصيحتي ولا تشتغل في الجرائد، كلام فارغ، كل جريدة تشتم الأخرى وكل كاتب يقول للآخرين: «أيها اللصوص» «أيها الخونة» يعني إن الجميع لصوص وخونة، فماذا تريد؟ ارجع إلى التجارة وافعل مثلي، والله لو أعطاني علي بيه خمسين جنيها في الشهر لم أقبل أن أترك التجارة.
فضحكت قائلا: لست أصلح للتجارة.
فقال: قلت لك إنها كالمرأة اللعوب، تضايقك؟ لا تتضايق. تحزنك؟ لا تحزن، صالحها، ضاحكها راجعها بكل وسيلة، وإذا لم ترض عنك عاملها بالقوة، اضربها، العنها، جرها من شعرها، ولكن لا تيئس، الحمد لله، رضا!
وأخذ يقبل يده ظهرا لبطن.
Неизвестная страница