الواحد، ففى كتب التفسير وعلوم القرآن نحو كثير، وفى معاجم اللغة وكتب الأدب والبلاغة نحو كثير، بل إنك واجد فى كتب أصول الفقه والسّير والتاريخ، والمعارف العامة، من أصول النحو وفروعه ما لا تكاد تجده فى كتب النحو المتداولة، والأمثلة عندى حاضرة كثيرة، لا داعى للإطالة بذكرها، وحسبى أن أشير إلى مثالين: الأول أنى خرّجت مسألة نحويّة من كتاب «مثالب الوزيرين» لأبى حيان التوحيدى، ويا بعد ما بين كتابه وكتب النحو! والمثال الثانى طريف جدّا: وهو أن الشاهد النحوىّ المعروف «أكلونى البراغيث» لم أجده منسوبا لقائل فى كتاب من كتب النحو التى أعرفها، على حين وجدته منسوبا فى كتاب أبى عبيدة «مجاز القرآن».
والاقتراح الثانى: أن تفهرس مسائل النحو فهرسة دقيقة، تجمع الأشباه والنظائر، ثم ترتّب أبواب النحو ومسائله ترتيبا هجائيا؛ فإن كتب النحو الأولى ترتّب مسائل النحو، وتضع لها عنوانات تخالف ما ألفه الطلبة والدارسون فى أيامنا هذه، بعد ما سادت طريقة ابن مالك وشرّاحه. وبمثل هذا الجمع والفهرسة تظهر صورة النحو العربىّ على وجهها الصحيح، وتستقيم دراسته وتمضى إلى ما يراد لها من كمال.
أما تحقيق الكتاب فقد مضيت فيه وفق مناهج التوثيق والتحقيق التى ارتضاها شيوخ الصنعة، وقد حرصت على تتبّع مسائل الكتاب وشواهده فى كتب العربية المختلفة؛ للذى ذكرته من قبل، من أن مجاز هذه الكتب مجاز الكتاب الواحد، وأريد أن أنبّه إلى أننى وجدت فى حواشى بعض الكتب تحقيقات وتخريجات جيدة، أفدت منها وأحلت عليها، ولم أستبح لنفسى أن أنسبها إلى جهدى-كما يفعل كثير من الناس فى زمان السّوء هذا-ذلك لأنى لم أرد أن أتشبّع بما لم أعط فأكون كلابس ثوبى زور. وأيضا:
فإن الدرهم المضروب باسمى ... أحبّ إلىّ من دينار غيرى
وثالثة يقولها أبو منصور الأزهرىّ:
«ولقليل لا يخزى صاحبه خير من كثير يفضحه».
المقدمة / 11