ذكر تأييده ﷺ بمعجزة القرآن
وجعل الله له القرآنا ... آية حقّ أعجَزَتْ بُرهَانا
أقامَ فيهمْ فوقَ عَشرٍ يَطلبُ ... إتيانَهُمْ بمثلِهِ فغُلِبُوا «١»
ثمَّ بعَشْرِ سُوَرٍ، بسورة «٢» ... فلمْ يُطِيقوها ولو قَصيرهْ
وهُمْ لَعَمرِي الفُصحاءُ اللُّسْنُ ... فانقَلَبوا وهُمْ حَيارى لُكْنُ «٣»
وأُسمِعوا «٤» التوبيخَ والتَّقريعا ... لدى المَلا مُفترِقًا مَجموعا
فلمْ يفُهْ منهمْ فصِيحٌ بِشَفَهْ ... مُعَارِضًا، بل الإلهُ صَرَفَهْ «٥»
_________
(١) في هامش (أ): (بلغ عبد الوهاب ولد ابن أبي زرعة قراءة عليّ، وشمس الدين محمد بن سليمان الشبراوي سماعا. كتبه مؤلفه) .
(٢) كذا في (أ) و(ج)، وهي على حذف العاطف؛ أي: فطلب إتيانهم بسورة، وفي (د): (فسورة) .
(٣) اللّسن- بضم اللام الثانية وسكون السين، جمع ألسن-: وهم الفصحاء. اللّكن- جمع ألكن-: وهو الذي عيّ وصعب عليه الإفصاح بالعربية لعجمة لسانه.
(٤) أسمعوا- بالبناء للمفعول-: أسمعهم الله فيما أنزل من محكم كتابه.
(٥) بشفة: أي: لم يفه بكلمة واحدة، وقوله: (بل الإله صرفه) قال المناوي في «العجالة السنية» (ص ٧٦): (وهذا الختام من الناظم يؤذن بميله إلى القول بالصرفة، وهو رأي مرجوح أطال المحققون في تقرير رده) . والصرفة: هو القول بأن المشركين كان في وسعهم الإتيان بمثل القرآن، ولكن الله صرفهم، وهو قول النظّام من المعتزلة، وقول البعض من أهل السنة، خلافا لقول الجمهور. ويمكن أن يقال: إن معنى الصرفة في قول المصنف هو المعنى اللغوي لا الاصطلاحي، أي: أن صرف الله ﷾ لهم ظهور عجزهم عن معارضته في إيجازه وبلاغته وتراكيب ألفاظه ومعانيه مع كونه من جنس كلامهم؛ لكونه فاق في جميع فنون الكلام قدرتهم على الإتيان بمثله أو معارضته، فصار معجزة حيث عجزوا عن معارضته كلام الله بكلامهم، فأصبح
1 / 50