Альбер Камю: Попытка исследования его философской мысли
ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي
Жанры
قبل أن ننتقل إلى الإجابة على هذا السؤال نجد لزاما علينا أن نواجه سؤالا آخر، وهو إن كان التضامن يستطيع أن يمدنا بقاعدة للسلوك، وإن كان من الممكن أن نجد تعبيرا واقعيا عنه في حياتنا المعاصرة، التي وصل فيها الصراع بين الأيديولوجيات إلى ذروته المخيفة.
فإذا سأل سائل عن قاعدة السلوك التي يستطيع التضامن أن يقدمها لنا، والتي لا نحتاج معها أن ننتظر إلى نهاية التاريخ لكي نفسر بها أفعالنا، جاءته قاعدة «فعلنا ومقاومتنا» في هذه الصيغة: «كل ما يحط من قيمة العمل يحط في الوقت نفسه من قيمة العقل، والعكس صحيح. وبذلك يكون الكفاح الثوري والسعي الدنيوي (أي غير المستند إلى عقيدة سماوية) إلى التحرر هو الرفض المتصل للإذلال، والدحض المضاعف له.»
49
وقد نجد تلك القاعدة في صياغة أخرى: «إن من واجبنا أن نقدم الدليل على أننا لا نستحق هذا الظلم كله.»
50
لا شك فيما تنطوي عليه هذه القاعدة من نبل، وما تفيض به من إحساس صادق بعذاب الإنسان. ولكنها لم تحدد لنا الأفعال الواقعية التي تنطبق عليها على مستوى الجماعة، ولم تبين نوع الظلم الذي لا نستحقه والذي ينبغي علينا أن ندفعه عن أنفسنا، ولا تضع يدها على الظالم الذي يتحتم علينا أن نواجهه، ولا توضح لمن نقدم الدليل على أننا لا نستحق كل هذا الظلم. كل هذه الملاحظات تجعلنا نؤيد النقد الذي وجهه «سارتر» وفرانسيس جانسون إلى كامي، واتهماه فيه بالتمرد الحالم المتعالي على الواقع الاجتماعي.
51
غير أننا لن نستطيع أن ننساق وراء هذا النقد من كل نواحيه؛ فلو سألنا إن كان هناك في عالمنا الحاضر تعبير سياسي عن التضامن نستطيع أن ننقذ به كرامتنا المشتركة من الإذلال والهوان، لجاءنا الرد بالإيجاب، وعرفنا أن ذلك ممكن عن طريق الحياة النقابية؛ فالحياة النقابية تقوم على المهنة التي تلعب في النظام الاقتصادي نفس الدور الذي تلعبه الجماعة في الحياة السياسية والمدنية؛ فالنقابة الحرة هي الخلية الحية التي ينبني عليها الكيان العضوي.
52
إنها تختلف عن الأيديولوجيات السياسية والعقائد التاريخية التي تبدأ من المذهب وتحاول بعد ذلك أن تحشر الواقع فيه؛ فالنقابة تبدأ من الواقع العيني الحي، من الحرفة والقرية، اللتين يختلج فيهما الوجود، وينبض فيهما القلب الحي الذي يخفق في الأشياء وفي الناس.
Неизвестная страница