الفصل الثالث
فيما جاء عن الصحابة ﵃ في حكم تارك الصلاة
قال ابن القيم في "كتاب الصلاة":
وأما إجماع الصحابة، فقال ابن زنجويه بسنده المتصل عن ابن عباس: "أنه جاء عمر بن الخطاب حين طعن في المسجد، قال: فاحتملته أنا ورهط كانوا معي في المسجد حتى أدخلناه بيته، قال: فأمر عبد الرحمن بن عوف أن يصلي بالناس، قال: فلما دخلنا على عمر بيته غشي عليه من الموت فلم يزل في غشيته حتى أسفر، ثم أفاق، فقال: هل صلى الناس؟ قال: فقلنا نعم، فقال: لا إسلام لمن ترك الصلاة. وفي سياق آخر: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، ثم دعا بوضوء فتوضأ وصلى … وذكر القصة (^١).
فقال هذا بمحضر من الصحابة ولم ينكروه عليه، وقد تقدم مثل ذلك عن معاذ بن جبل، وعبد الرحمن بن عوف، وأبي هريرة، ولا يعلم عن صحابي خلافهم.
وقال الحافظ عبد الحق الاشبيلي ﵀ في كتابه في "الصلاة": ذهب جملة من الصحابة ﵃ ومن بعدهم إلى تكفير تارك الصلاة متعمدا لتركها حتى يخرج جميع وقتها، منهم عمر بن الخطاب، ومعاذ بن جبل، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس، وجابر، وأبو الدرداء، وكذلك روي عن علي بن أبي طالب هؤلاء من الصحابة. ومن غيرهم: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن المبارك، وإبراهيم النخعي، والحكم بن عيينة، وأيوب السختياني، وأبو داود الطيالسي، وأبو بكر بن أبي شيبة،
وأبو خيثمة زهير بن حرب.
(فصل)
ثم ذكر ابن القيم كلاما طويلا في الذنوب التي لا تخرج من الملة، وإن سميت كفرا أو فسقا أو نفاقا، وانتهى إلى النتيجة التالية في (ص ٥٢٣) من مجموعة الحديث النجدية (^١) والأدلة التي ذكرناها وغيرها تدل على أنه لا يقبل من العبد شيء من أعماله إلا بفعل الصلاة، فهي مفتاح ديوانه ورأس مال ربحه، ومحال بقاء الربح بلا رأس مال، فإذا خسرها خسر أعماله كلها، وإن أتى بها صورة، وقد أشار إلى هذا في قوله: "فإن ضيعها فهو لما سواها أضيع" (^٢).
وفي قوله: "أول ما ينظر من أعماله الصلاة، فإن