الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية بترتيب أحداث السيرة النبوية

Абу Асма Мухаммад ибн Таха d. Unknown
66

الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية بترتيب أحداث السيرة النبوية

الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية بترتيب أحداث السيرة النبوية

Издатель

دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع

Номер издания

الثانية

Год публикации

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Место издания

القاهرة - دار سبل السلام - الفيوم

Жанры

ولكن الله تعالى قد كفى نبيه ﷺ المستهزئين وعصمه منهم فلم يضروه بشيء، وقد تجلت هذه الرعاية وظهرت لما اجتمع كفار قُرَيْشٍ في الْحِجْرِ فَتَعَاهَدُوا بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةِ الْأُخْرَى، لَوْ قَدْ رَأَيْنَا مُحَمَّدًا قُمْنَا إِلَيْهِ قِيَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَلَمْ نُفَارِقْهُ حَتَّى نَقْتُلَهُ، فلما علمت بذلك فَاطِمَةُ ﵂ أقبلت تَبْكِي حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى أَبِيهَا ﷺ، فَقَالَتْ: هَؤُلَاءِ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِكَ في الْحِجْرِ قَدْ تَعَاهَدُوا أَنْ لَوْ قَدْ رَأَوْكَ قَامُوا إِلَيْكَ فَقَتَلُوكَ، فَلَيْسَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وقَدْ عَرَفَ نَصِيبَهُ من ذلك، فقَالَ النبي ﷺ: "يَا بنيَّةُ أَدْنِي وَضُوءًا"، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِمْ الْمَسْجِدَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا هَذَا هو، فَخَفَضُوا أَبْصَارَهُمْ، وَعُقِرُوا فِي مَجَالِسِهِمْ فَلَمْ يَرْفَعُوا إِلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ، وَلَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ رَجُلٌ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ الله ﷺ حَتَّى قَامَ عَلَى رُءُوسِهِمْ، فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَحَصَبَهُمْ بِهَا، وَقَالَ: شَاهَتْ الْوُجُوهُ. قَالَ ابن عباس: فَمَا أَصَابَتْ رَجُلًا مِنْهُمْ حَصَاةٌ إِلَّا قَدْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا (١). ولقد كان النبي ﷺ رغم كل هذا الإيذاء والتعنت ضده وضد دعوته رؤفًا بهم رحيمًا، حتى إن جِبْرِيلَ ﵇ لما جاءه ومعه مَلَكُ الْجِبَالِ- يوم العقبة- وعرض عليه ﷺ أَنْ يطْبِقَ عَلَيهِمْ الْأَخْشَبَينِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ الله مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُه لَا يُشْرِك بِهِ شَيْئًا" (٢). فهل عرفت البشرية مثل هذه الرحمة؟ كلا والله ما عرفت ولن تعرف. بأبي هو وأمي ونفسي ﷺ. هذا ما لاقاه النبي ﷺ، أما عن أصحابه رضوان الله عليهم.

(١) صحيح: أخرجه أحمد ١/ ٣٠٣، ٣٦٨، وصححه الشيخ أحمد شاكر. (٢) متفق عليه: البخاري (٣٢٣١) كتاب: بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم: آمين، والملائكة في السماء: آمين، فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه، ومسلم (١٧٩٥) كتاب: الجهاد والسير، باب: ما لقي النبي ﷺ من أذى المشركين والمنافقين.

1 / 68