88

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

Исследователь

خالد بن عثمان السبت

Издатель

دار عطاءات العلم (الرياض)

Номер издания

الخامسة

Год публикации

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Место издания

دار ابن حزم (بيروت)

Жанры

وقد قَدَّمْنَا (^١) أن هذا المفعولَ الثانيَ في (اتخاذهم العجلَ إِلَهًا) محذوفٌ في جميعِ القرآنِ، وأن بعضَ العلماءِ قال: النكتةُ في حذفِه دائمًا هي التنبيهُ على أنه لا ينبغي أن يُتَلَفَّظَ بأن عِجْلًا مُصْطَنَعًا من حُلِيٍّ إِلَهٌ. وقال جل وعلا: ﴿فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ﴾ الفاءُ سببيةٌ، وقد تقررَ في فَنِّ الأصولِ في مسلكِ (الإيماءِ والتنبيهِ) (^٢) أن الفاءَ من حروفِ التعليلِ، وأن ما قَبْلَهَا علَّة لِمَا بَعْدَهَا، كقولهم: «سَهَا فَسَجَدَ»، أي: لِعِلَّةِ سَهْوِهِ، و«سرق فقُطِعَتْ يدُه» أي: لعلةِ سرقتِه، ﴿ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا﴾ أي: لعلةِ ظُلْمِكُمْ. ﴿فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ﴾ قد قدَّمنا معنى التوبةِ واشتقاقَها في أولِ هذه السورةِ الكريمةِ. وقولُه: ﴿إِلَى بَارِئِكُمْ﴾ أي: خَالِقُكُمْ وَمُبْرِزُكُمْ من العدمِ إلى الوجودِ. وقد ذَكَرَ (جل وعلا) الخالقَ البارئَ من صفاتِه كما قال في أخرياتِ الحشرِ: ﴿الخَالِقُ البَارِئُ﴾ [الحشر: آية ٢٤]، و(الخالقُ) اسمُ فاعلِ الخلقِ، والخلقُ في اللغةِ: التقديرُ. و(البارئُ) هو الذي يَفْرِي ما خَلَقَ؛ فمعنى خَلَقَ: قَدَّرَ، ومعنى بَرَأَ: أنفذَ ما قَدَّرَ، وأبرز من العدمِ إلى الوجودِ، والعربُ تُسَمِّي التقديرَ خَلْقًا، ومنه قولُ زهيرِ بنِ أَبِي سُلْمَى (^٣): وَلأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ وبَعْـ ... ـضُ الْقَوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لَا يَفْرِي

(^١) مضى عند تفسير الآية (٥١) من سورة البقرة. (^٢) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ١٧١) شرح الكوكب المنير (٣/ ٤٧٧) (٤/ ١٢٥). (^٣) القرطبي (١/ ٢٢٦)، الدر المصون (١/ ١٨٨).

1 / 92